للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هذا الشعر كان هناك اثنان يعرفان معناه الله وأنا، أما الآن فالله وحده هو الذي يعرفه.

وقال إنه لا يقف عند القصائد التي تصور البيئة المحلية فإذا رأى قصيدة في وصف الناقة خطر له أن يسلك مع قائلها طريقة أبي العلاء المعري في رسالة الغفران، وذلك بإحياء الشاعر وأسماعه قصيدة في وصف السيارة تتضمن أسماء أجزائها، وما يتعلق بها من المصطلحات انتقاماً منه. . .

أما الذي ينال إعجابه فهو ما في الشعر العربي من التعبير عن العواطف الإنسانية، والمشاعر الروحية وتصوير جمال الطبيعة، فهذا يسر له كل إنسان يتمتع بالحاسة الفنية في كل أمة، وقال إن القصائد التي تعبر عن ذلك في شعر العرب تعد من روائع الآداب العالمية، وأتى بقطعة من شعر عمرو بن الفارض ووقف عند بعض أجزائها وقفة المتذوق الفطن، وعلق عليها قائلاً: إننا في هذا الوقت الذي يضطرب فيه العالم في خضم المنافع والماديات نستروح بروح الشعر وشعر الروح مما قاله منذ قرون ذلك الشاعر الصوفي العربي الذي يعد من اعظم شعراء الدنيا.

وأتى بقطع لمختلف الشعراء في مختلف العصور، ودل على مواطن الجمال فيها، وقد ذهب في اختياره بعض القطع، واستحسانه مذهب ابن قتيبة في قوله: ليس كل الشعر يختار لجودة اللفظ والمعنى بل لأسباب أخرى منها إصابة التشبيه.

وختم الدكتور جيوم محاضرته بأنه يعتبر نفسه سعيداً لأنه يدرس الأدب العربي لطائفة من شباب الإنجليز بجامعة لندن فيقرب إليهم موارد الشعر الذي يعبر عن روح الأمة العربية التي لا تقيم على ضيم.

وقد كان المحاضر - على التواء لهجته - دقيقاً في التعبير والإعراب، ومما استرعى التفاتي إليه انسجام إلقائه ونبراته مع ما يتحدث عنه، فكان يلقي ما أعده في الورق وكأنه يرتجل بلغته الأصيلة.

محاضرات مزعومة:

لا يزال بنفسي أثر من الروايات (البوليسية)، التي كنا نقرؤها في الصغر، فعلى رغم الزمن الذي مضى مذ (شب عمرو عن الطوق) فإن تلك القراءة لم تمنح آثارها وإن خدعنا الظاهر لأنها غائرة في الأعماق أو في العقل الباطن كما يعبر علماء النفس.

<<  <  ج:
ص:  >  >>