موسكو والدول الشيوعية الأخرى، واتخذ هذا الخلاف صورة جدية في الأسابيع الأخيرة عندما حشدت ألبانيا وبلغاريا بعض قواتها على الحدود المشتركة مع يوغسلافيا ولكن هذه الحالة السيئة لم تضعف من مركز تيتو ولم تقلل ثقة الشعب اليوغسلافي بزعامته.
وتركز النظام الحالي في يوغسلافيا يعود إلى أسباب، منها أن الأغنياء ومترفي الطبقة الوسطى بالرغم من استيائهم من الاشتراكية التي حققها تيتو هم الآن مشلولو النشاط ليس لديهم من الآمال والأنصار ما يستطيعون بواسطته إقصاء تيتو عن الحكم. وعامة الشعب من المزارعين والعمال لا مفر لهم في يوغسلافيا من اختيار أهون الشرين: فإما ستالين وإما تيتو. وهذه الوضعية كذلك تنطبق على المثقفين. ويبدو جلياً أن الكثرة من كلا الفريقين قد رضيت بالمارشال تيتو مواطنهم. وقد فر أنصار موسكو والكومنفورم إلى خارج البلاد، ولم يعد لهم أثر في السياسة والحياة العامة.
والصعاب التي تواجه تيتو جمة؛ فقد قطعت الحكومات الشيوعية المحالفة لروسيا صلاتها الاقتصادية مع يوغسلافيا؛ وتحفظ حلفاء الغرب في تعاملهم مع تيتو في السياسة والاقتصاد. وبقي هذا الاشتراكي العنيد مصراً على ألا يساوم طرفاً من الطرفين (السوفياتي والغربي) على حساب الاشتراكية القومية التي يعمل لتوطيدها في وطنه. فتيتو يرى أن الوسائل التي يتبعها السوفيات وحلفائهم من الدول الشيوعية الأخرى لتحقيق الماركسية الصحيحة هي طريقة خاطئة تخالف تعاليم لينين من حيث أنها تراعي الخصائص الفردية لكل مجتمع، ولا تحاول أن تفرض على العالم بأسره نظاماً موحداً لا يتناسب مع طبيعة المجتمعات وما هي عليه من تباين في كثير من الطبائع والميول والاتجاهات. ومع أن الماركسية تصر على بلشفة العالم في المراحل النهائية من التطور، فإن لينين رأى أن يراعي طبيعة هذا التباين الاجتماعي عندما انكب على توطيد الماركسية في الاتحاد السوفياتي أولاً تاركاً العالم الخارجي وشأنه، وهذا على عكس ما جرت عليه السياسة الروسية في سنوات ما بعد الحرب.
وتيتو كذلك لا يرى أن من الخير ليوغسلافيا أن تترك التجربة الاشتراكية الناجحة التي توطدت فيها الآن لترتمي في أحضان الرأس مالية.
وخلاف تيتو مع موسكو لا يقتصر على المبادئ الفكرية وتفاسيرها، بل أنه يمس التعامل