وهواه ومسعاه أن يستنقذ الشرق مما اعتراه من ألوان الفجور وأسباب الطيش والتبرج والضياع. . ومما نزل به من فساد في الأرض، وبوار في العرض، وعنس للعذارى - اللائي كسبن الشارع وخسرن الزوج، وانزلقن في مهاوي الرذيلة!
وقد انبرى الرافعي - وهو شبه وحيد في الميدان لا يسنده جاه ولا سلطان حزبي - إلى هدم تخرصات الدجاجلة المغررين، من شياطين الآدميين الداعين إلى مسايرة مدنية زائفة، مظهرها خالب وجوهرها كاذب.
وإن رجلا هذا شأنه، وذاك تراثه يجب على كل رجال الدين والأدب على السواء، أن يقوموا بدراسته واستيعابه وتدبره؛ فيكون لهم كمشكاة زيتها لا ينفد، ونورها لا يخبو ولا يخمد. فالرافعي حجة دينية، ومصلح اجتماعي، ولغوي علامة، وفيلسوف إسلامي مفكر بعيد الغور في الأدبين القديم والمعاصر.
ولقد أطلت الكلام قليلا عن أدبه الديني، لأنه عندي أعلى وأرقى أدب للراحل الكريم طيب الله ثراه؛ ولأن النفس تستريح به وتستريح إليه. . لأنه لسان القرآن الفصيح الذي جلى معانيه وبرهن على إيجازه المعجز، وإطنابه الصافي الوافي الذي لا يلحق
وختاماً أكرر ترحمي على الرافعي الذي مسح الدمع عن أعين (المساكين) وسكب الدر في أفواههم. . . كما أشكره وهو في دار الخلد، على اللذة العقلية التي أورثنيها خلال قيامي بدراسة آثاره. . . وهذه الكلمة اعتراف مني بجميلة، وتقدير خالص لفضله على العرب والعربية. يرحمه الله.