ونترك أمر الحكم على هذا الكتاب الجامع، بعد أن فرغ الكرام الناقدون من هذا الأمر. . . فليرجع إليه من شاء أن يستقي الأدب عذباً فراتا سائغاً، من موارده النميرية المصفاة.
ثم كتابه (حديث القمر) وله أثر عظيم في تكوين الأسلوب الإنشائي لكثير من أدبائنا ومتأدبينا المعاصرين. . .
ثم كتبه (رسائل الأحزان) و (السحاب الأحمر) و (أوراق الورد). وهي خلاصة آرائه في فلسفة الجمال والحب. . . وهي من أنضج الثمار لنتاج عبقرية الرجل الملهمة. . . وقد أحدثت تلك الكتب الثلاثة ضجة أدبية، إذ تمخضت عن مجادلات نزيهة صادقة معتدلة قيمة. . . ومجادلات أخرى عنيفة عقيمة، ساخطة متبرمة، قاسية مريرة!. . .
وأخيراً يأتي دور كتابيه في النقد (المعركة تحت راية القرآن) و (على السَّفُّود) وفيهما تبيان لما كان بينه وبين الدكتور طه حسين ثم المرحوم عبد الله عفيفي والأستاذ عباس محمود العقاد على الترتيب. . . ويمتازان بطابع العنف والعنفوان في أسلوبهما. إلى درجة ينكرها البعض وينفر منها، ويتحمس لها البعض الآخر ويحبذها. . .
ولا يحق لي أن أخوض غمار هذا الحديث المطوي غير الشهي.! هذا إلى شتيت من المقالات تدخل في عداد هذا اللون من أدب الرافعي، بينه وبين الكاتب سلامة موسى والدكتور زكي مبارك وغيرهما. . . ثم مقالاته المتفرقة في الصحف والمجلات، التي جمعها بين دفتي كتابه (وحي القلم) وهذا الكتاب يعد الصرح الشامخ في تراث العربية في العصر الحديث.
وجماع الأمر فقد امتازت أحاديثه، رحمه الله، بالتبحر والإفاضة والإشراق بدون إسعاف أو إضجار، وإن كان يغرق أحياناً في السبك الفني لمعانيه وألفاظه. . . وبخاصة إذا تكلم في أدب الوصف والحكمة. . .
وللرافعي أناشيد مشهورة مشكورة. . . منها الوطني الملتهب شعوراً وحماسة ونبلا، ومنها الاجتماعي التهذيبي القوي، ومنها الشعبي الصادق الساذج الفطري
وقد أكسب الرافعي فن القصة القصيرة بهاء، وأبرزه في أنصع ديباجة وأروع صياغة. . . فشق للأقصوصة طريقاً مستقيما امتاز بخصبه وقوة حججه وأسانيده المؤثرة.
ولقد ظل الرافعي على طبيعته المطمئنة الراضية، وفيا للأدب يقظاً على تراثه. . . غايته