يحجب عنا حقيقة واقعة وهي لو لم تكن الظروف مهيأة لقبول دعوته، ولو لم تكن هناك عوامل كثيرة ساعدت على نشر رسالته لما كان له هذا التأثير على مجرى التاريخ. والكلام نفسه يقال على وليم الفاتح، إذ أن إيجاده لنواة بريطانيا كان في طريق التحقيق قبل ظهوره.
أما جهة نظرية التطور فليس من المعقول أن تفسر جميع حوادث التاريخ بتفسيرات مادية صرفة ونهمل أثر الشخصيات الفذة التي أثرت في سيره. ولهذا فالنظريتان إذ فرقنا كلا منهما على حدة تفشلان في تفسير الحوادث التاريخية وأثر العظماء فيها؛ ولكن إذا جمعناهما معاً وشكلنا نظرية ثالثة تجعل العظماء يؤثرون على الظروف ويكيفونها بحسب أهوائهم، وفي الوقت نفسه تجعل الظروف تؤثر على العظماء وتتحكم في مصير أعمالهم نكون قد قربنا كثيراً من الحقيقة.