للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والمخرجين عندنا الأفلام الغربية ويدعون أنها مصرية مؤلفة، هؤلاء كأولئك، حذو الفلم بالفلم.

وفلم (السندباد البحري) يعرض بالألوان الطبيعية، وهم يختارون أجمل الممثلات في مثل هذا الفلم، وأعترف بعبقرية المخرج إذ قدم لنا (الأميرة الفاتنة) كأي فتاة عصرية في كل شيء، تلبس الثياب (على آخر مودة)! والممثلون يلبسون (البنطلونات) وأجسامهم الحمراء تنطق ب (السكسونية) الصارخة، يختلط كل ذلك بمناظر التعذيب المفزعة إذ تهوى السياط على الأبدان فتمزقها كما كان يصنع الشرقيون في غابر الأزمان وسالف العصر والأوان!

ويظهر أن المشاهدين يصبرون على متابعة الفلم، مستمدين الجلد عليها من القوة السحرة الخارقة التي يتمتع بها السندباد البحري، على الرغم مما يلاقونه من أهوال في تلك المشاهدة، كأهوال السندباد. ولكنه يخرج أهواله بالأميرة الحسناء، أما نحن - المساكين - فنخرج مصدعي الرءوس، وقد يذهل الفتى عن فتاته التي دخلت معه متعلقة بذراعه.

حقاً إن السندباد خطب في آخر الفلم، مبيناً أن المال لا قيمة له في سعادة الإنسان، وإنما السعادة الحقيقية هي سعادة القلب والفكر ومن أجل ذلك داس جواهر الكنز ولم يعبأ بها مكتفياً بفاتنته الأميرة، ولكن الفلم لم يعرض لنا ذلك عرضاً عملياً يجعلنا نستخلص العبر من الحوادث ولم يضعنا في جو طبيعي ندرك منه ذلك؛ وقد يقال إن القصة خرافة، ولكن ما هدف هذه الخرافة غير قلب الدماغ بتلك الحوادث التي لا تحمل متعة فنية لذوق سليم، وغير وقع القلب بالوعظ في آخر الأمر؟

والذي يؤسف له أن يكون ذلك هو ثمرة تعريب الأفلام (دبلجتها) وقد كتبت في هذا الموضوع عندما هب السينمائيون المصريون يعارضون تعريب الأفلام في العام الماضي، وبينت أن هذه المعارضة حركة تجارية، وأن الفائدة التي نجنيها من تعريب الأفلام الجيدة محققة. وإذا كنا نعرب الكتب مقتنعين بفائدتها فلم نمنع تعريب الأفلام؟ ولكن أي الأفلام نعرب؟ هذه هي المسألة التي نراها تواجهنا الآن، وكل ما يجب هو حسن الاختيار.

عباس خضر

<<  <  ج:
ص:  >  >>