شاعراً رسمياً للخديوي يزن القصيد ويتفنى الناس بشعره.
على أن شعر الشيخ لم يكن جيداً وقد قدم الكاتب نموذجاً لشعره وحلله إلى أن انتهى بهذا الحكم الصادق وهو (أننا نكلف رجال ذلك العصر شططاً إذا طلبنا منهم أن يكونوا أجود مما وصلوا إلينا فقد كونته بيئتهم ثم مهدو السبيل بعد ذلك للبارودي الذي اجتمعت له ولعصره أسباب الأحياء في الشعر العربي).
ويحدثنا بعد ذلك عن عالم طريف مغمور هو الشيخ محمد عياد الطنطاوي الذي سافر من مصر إلى بتروجراد عاصمة روسيا يعلم اللغة العربية في مدرسة اللغات الشرقية فكان له أثر كبير في المستشرقين من الروس. ولقد لقي الكاتب عناء شديداً في الترجمة لهذا الشيخ فأخذ يجمع سطراً من هنا وإشارة من هناك ويتصل اتصالاً شخصياً بمن يظن فيه شبهة معرفة بتاريخ ذلك الرجل حتى أخبره البروفيسور بولوتسكي بالجامعة العبرية أن للشيخ مؤلفاً بعنوان تحفة الأذكياء بأخبار بلاد روسيا، وأن الكتاب كخطوط يوجد منه نسخة في أسطنبول. ولا ريب في أن مثل هذا الكتاب طريف فريد في بابه فضلاً عن قيمته التاريخية الكبيرة، فهو يصور الحياة في روسيا في منتصف القرن التاسع عشر بقلم مصري أزهري، فهل نطمع في قيام أحد علمائنا باجتلاب هذا المخطوط وطبعه؟
وينتقل بنا الأستاذ عبد الغني بعد ذلك إلى الحديث عن شاعر مصري، وقف شعره على أشراف الحجاز يسمى محمود صفوة الساعاتي، سافر للحج فاتصل بالشريف محمد بن عون أمير مكة فقربه إليه وصحبه في حروبه مع أمراء نجد، فصور الساعاتي هذه الحروب شعراً يذكرنا كما يقول عبد الغني بشعر المعارك عند المتنبي في القديم وعند البارودي في الحديث. وذلك مثل قوله في مدح الشريف أبن عون:
إذا تألق برق السيف في يده ... أبصرت غيث دم الأبطال منسفحاً
مقوم كل معوج بصارمه ... فكل خصم لهذا صار منطرحاً
وقد طاف الساعاتي بكثير من أغراض الشعر فمدح وطلب وعتب ورثى، فلم يخرج في ذلك عن مألوف القدماء.
وكنا مود أن يحدثنا الأستاذ عبد الغني عن الشاعر السيد علي الدرويش بعد أن حدثنا عن شهاب الدين مباشرة لأنهما من الذين أختصهما عباس الأول بمجلسه حتى كان كل منهما