وليس الأمر أمر ترجمة بل يسبق ذلك فهم وتذوق للعلم، هما عدة المترجم وسلاحه قبل حذفه اللغة وبصره بها.
ثم تجده بعد ذلك في شك الأمين غير راض عن جهده فيخف إلى الأب (قنواتي) ويكشف له هذا عن الصحف اليونانية فيجد فيها ما يصوب الكثير من هنأت (تريكو) و (هكس).
ويثنيني هذا العناء الذي ألمسه عن أن ألتفت إلى القول في عبارات كنت أحبها أكثر صقلاً.
وأعود فأهنئ الزميلين بهذا الجهد الموفق، راجيا أن أرى لهما متعاونين غيره. فما أحوجنا إلى النقل عن اللغات المختلفة.
إبراهيم الأبياري
مع الأستاذ:
يا ساسة العرب:(إن محمد بن عبد الله الذي آثر أن يكون نبياً عبداً على أن يكون نبياً ملكا قد ساس الناس في عهده سياسة دينية لا وطنية ولا قومية، لأن الوطن محدود والدين لا حد له. ولأن القوم جماعة متميزة والدين إنسانية شاملة).
بهذا النداء القوي الحار انساب صوت الزيات العظيم مع (الأثير) في هدوء رزين، فكأنه كان (جبريل) نزل من علاه إلى أرض الناس يصب في الآذان الوحي من جديد فيلف القلوب بالشجن، ويندى العيون بالدمع، ويثير العواطف بالتذكير.
لم يأت أستاذنا بجديد - فالجديد يبلى - ولكنه أتى بقديم قدم الأزل، فساقه موقعاً بأنغام موسيقاه التي تأسر النفس بخدر لذيذ، وسحر حلال.
أجل: فقد قال ما عناه الله المتعال حين قال:
(وما محمد إلا رسول)؛ وحين قال:(واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم).
قلم الزيات العظيم من مولده رائع قوى، ولكن بيانه المؤثر مع صوته الوقور مزيج عبقري يهز النفس بما يواجبها في إحساسها. تلك تحية مستمع من جمهور الرسالة الكريم.