للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي أغفلناه قصص تصور بعض مظاهر الشذوذ الخلقي في شخصية جان كوكتو وهي قصص لم نكد نشك في صحتها حتى بعث إلينا مرسلوها بصورة فوتوغرافية تمثل الكاتب الفرنسي في أحد الأوضاع الشاذة التي تأباها رجولة الرجال، وقد كتب تحت الصورة الحافلة بكل ما يشين الخلق هذا الاعتراض: كيف تحتفي مصر برجل هذه هي كل مواهبه؟!!

وطوينا هذا الذي وافتنا به لرسائل الفرنسية، واستقبلنا جان كوكتو، واحتفينا به، وأقمنا له المآدب والحفلات. . . وانتظرنا بعد هذا كله أن يقول كوكتو عن مصر كلمة تتسم بالعدل والإنصاف، وإنها لأقل ما كان ينتظر منه ردا لكرم الضيافة واعترفا بالجميل. ولكن الرجل أبى إلا أن يكون نسخة صادقة من صورته الفوتوغرافية. . . وهاهو يخرج كتابه عن مصر، وهاهي الحكومة المصرية تصادر الكتب التي لطخت صفحاته بأسخف ألوان الكذب والافتراء!

ولكن ما جدوى هذه المصادرة والكتاب يقرأ في كل مكان خارج الحدود المصرية؟ لقد كنا نفضل أن لا يصادر هذا الكتاب الهابط ليتاح للأدباء المصريين أن يقرؤوه، عسى أن يتناول أحدهم قلمه ليرد على الكاتب الذي خضع لانحراف طبعه وانقاد لنزوات هواه. . . نقول هذا ونحن نتطلع إلى الدكتور طه حسين، نتطلع إليه لثلاثة أسباب: السبب الأول أن الدكتور يتمتع بمكانة ملحوظة في الأوساط الأدبية الفرنسية، فهو إن تناول قلمه ليرد على جان كوكتو كان لرده أجمل الوقع وأبعد الأثر. والسبب الثاني أن في الكتاب صفحات منصفة لشخصية الدكتور وأدبه، فهو إن تغافل عن هذا الثناء الذي أضفي عليه، كان لرده أبلغ الدلالة على سمعة الأوطان فوق سمعة الأفراد. . . أما السبب الثالث فلا بأس من أن أذكر الدكتور به، حين أطوي من الزمن عاماً أرتد معه إلى ذلك المساء الذي جمعني به على ميعاد؛ لقد دار الحديث في تلك الليلة على ما كتبته في (الرسالة) عن جان كوكتو، وما زلت أذكر تلك الابتسامة العذبة التي ارتسمت على شفتيه، وهو يرغب إلي في أن أكف قلمي عن الكاتب الفرنسي خضوعاً لواجب المجاملة. . . وخضوعاً لهذا الواجب أيضا كففت قلمي عن نشر تلك القصة الطريفة التي قصها علي، حول ذلك العتاب العبر الذي وجهه أليه كوكتو بمناسبة المحاضرة التي ألقاها عن (أوديب في الآداب المختلفة) والتي

<<  <  ج:
ص:  >  >>