في مفترق الطرق بين أمم العالم، وموقع قناة السويس منها، يحتم لسلام العلم أن تكون مصر محايدة، ومن الظلم أن تقوى جانبا لهزم آخر لا جريرة له عدها. وضرب المؤيدون لأمثال بالأمم المحايدة، مثل تركيا وسويسرا وأسبانيا، التي تجنبت بحيادها ما لحق بالأمم المحاربة من الخراب والتدمير. وقد تساءل فكري باشا: إلى من ننحاز؟ إلى الإنجليز ونحن نجاهد للتخلص منهم، أم إلى الأمريكان مؤيدي إسرائيل في فلسطين، أم إلى روسيا سعياً إلى فوضى الشيوعية، وقال: لسنا استعماريين ولا رأسماليين ولا شيوعيين، فما مصلحتان إذن في الانضمام إلى أي من هؤلاء؟
أما المعارضون فقد قالوا بأنه لا ينبغي أن نظل بمعزل عن المعترك حتى يدهمنا الخطر، فنضطر إلى ارتجال الخطط، ولن نستطيع وحدنا أن ندفع العدوان فنستنجد بمن يقتضينا الثمن من كرامتنا وحريتنا. وضرب المعارضون الأمثال بالدول التي كانت محايدة، مثل بلجيكا وهولندا، وظنت أن حيادها ينجيها، ولكن هتلر التهمها واحدة بعد واحدة. وقد شبه الأستاذ ثروت اباظه المحايد بموظف ترك الخدمة يقضي وقته بلا أمل في القهوة بين الجريدة والنرد والنرجيلة، قائلا إنه لا يجوز أن تصبح مصر أمة (على المعاش).
وقد طلب فكري باشا من كبير المعارضين، وهو عميد كلية التجارة، أن يجيبه عن مصلحة مصر الاقتصادية في التكتل، ولكن الأستاذ العميد لم يعرض لهذه الناحية، ومما قاله أن التكتل أمر لابد منه، وأن مصر آخذة به فعلا بتكتلها مع الدول لعربية، وأن الجميع متفقون على ضرورة ذلك. وواضح أن هذا ليس هو المقصود بالتكتل، لأن موضوع المناظرة خاص بالانضمام إلى إحدى الكتلتين العالميتين أو عدمه. وأخيراً أخذ رأي الحاضرين فكانت الأغلبية الساحقة مع الحياد.