للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المسألة على نمط أدبي، ومعرفة رأي الجمهور من المثقفين؟ أولا يدل قيام المناظرة على أننا الآن غير مرتبطين بما يجعلنا مع هؤلاء أو هؤلاء، وإنما نحن، وقد أبطلنا ما استنفد أغراضه، ندير الرأي فيما ترى المصلحة في الأخذ به.

بدأت المناظرة بكلمة الأستاذ مبروك نافع رئيس لجنة المناظرات والمحاظرات باتحاد الجامعة، فأعرب عن اغتباطه لتقدمنا في الديمقراطية حتى صار الوزير يرأس المناظرات العامة، ثم أراد أن يقدم المتناظرين، ولكن الرئيس ينهض قائلاً: يظهر أن ديمقراطيتنا وصلت إلى أبعد من رآسة الوزراء للمناظرات، وصلت إلى أن يهمل الوزير وهو رئيس المناظرة فلا يترك له حتى أن يرد على الشكر. .

واتبعت طريقة جديدة في تقديم المتناظرين، فأبتدئ بالأقل. . وقد حار الأستاذ نافع في التمييز. . فأسعفه أحدهم قائلا: الأقل سناً، وجاء ترتيب الأستاذ فكري اباظه باشا في الآخر! فهل كان ذلك مدبراً لشاغبته. .؟

وقد وفق جميع المتناظرين في تناول الموضوع، وكان حديثهم منسقا، وعبارتهم فصيحة، وخطاباتهم بارعة، وكانت الآنستان مدعاة للإعجاب، وخاصة الآنسة ثريا الحكيم فهي خطيبة معبرة بنبرات صوتها وحسن جرسها مع فصاحة في النطق والتعبير. وكان من مظاهر الديمقراطية في المناظرة أن اتخذ الأستاذ ثروت اباظه مكانه في الصف المعارض أمام عمه فكري اباظه باشا، وقد جال جولته في موقف خطابي بارع، ولكنه لم يسلم من طعنات عمه التي سددها إليه وإلى زميلته الآنسة ثريا الجبالي، ولم يكف فكري باشا عن الخطابة بعد أن جلس. . فقد كانت إشاراته الصامتة الناطقة تدحض كل حجة يأتي بها معارضه حسين كامل سليم بك وكان الأستاذ أحمد هيكل لبقاً عندما قال إنه واثق من وطنية المعارضين وأنهم يرون فيما بينهم وبين أنفسهم ضرورة الحياد لكنهم يريدون أن يهيئوا الفرصة لمناقشة كل ما يمكن أن يقال في معارضته.

وقد كانت حجة المؤيدين - على وجه الإجمال - أننا لا مصلحة لنا في الانحياز إلى أحد، وأنه الخير لنا ألا نعرض أنفسنا للأخطار والأضرار التي تأتينا من الجهة التي ننحاز ضدها، وأن خطر الحرب والاعتداء علينا محقق إذا انضممنا إلى أي فريق ولكنه متوهم إذا وقفنا على حياد، فكيف نسعى إلى الضرر المحقق خوفا من المتوهم؟ وأن موقع مصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>