أخطأت بعض الخطأ، تفتح عيونا وتوقظ قلوبا مدت الأيام لأصحابها في الغرور والضلال، ففتنتهم مغانم التهويش والتضليل على حساب الشعب. وعسى أن يأتي انتشار هذه المؤلفات وأمثالها بالفائدة المطلوبة، ومن هنا كانت إشادة الأستاذ البصير بكتاب رمزي بك خدمة للمصلحة العامة ومحمدة تذكر وتشكر.
محمد توحيد السلحدار
حفلات التأبين - إلى صديقي الأستاذ عباس خضر:
إذا كنت من اتباع دعاة المحافظة على القديم وقصر حفلات التأبين على ذكر محاسن الفقيد وتعديد مناقبه تكون من الراضين أيفاق الشعراء وكذب الخطباء في هذا العصر، ومن المتساهلين في سماع الشعر الوسط وما هو دون الوسط كالذي سمعته في حفلة المرحوم علي محمود طه.
وإذا كنت ممن لا يؤيدون ما أدخل على حفلات التأبين من مقالات - ومبالغات في تعديد المناقب وافتعال الصفات لكل فقيد كما هو واقع الآن، فأنك تكون قد جاريتني في إقحام أكثر الشعراء والخطباء في زمرة الندابين المأجورين.
أما إذا كنت ممن يقدرون نهضتنا الأدبية ومن العاملين في وضع لبنة واحدة في بنائها - وأنك لكذلك - فكان الأخلاق بك أن تنكر معي على شعراء وخطباء حفلات التأبين تباكيهم وتفجعهم المكذوب وإلحاحهم في النواح الممجوج، وأن تدعوهم - لا بالمطرقة والسندان - إلى سلوك السبيل التي يسلكها الأدباء في الأمم الراقية.
هكذا يكون الرثاء:
مات الشعر فلان فأقام له أصدقاؤه الأدباء حفلة تأبين، ولما اعتلى رئيس الدعوة المنبر قال (يتكلم أربعة من الخطباء في أربع ناحيات من شعر الفقيد) وتكلم الخطباء ففاضوا في تعديد تلك النواحي، وإني لأرجو الأستاذ عباس أن يصدقني أن أحد أولئك الخطباء لم يكتف في الكلام على بوهيمية ذلك الشاعر فحسب، بل أفاض في تحليل ناحية الشذوذ فيه - وهل يخلو من شاعر من شذوذ؟ وأنهض الدليل، وهو مستمد من شعر الفقيد، فلم يسع أرملة ذلك الشاعر إلا تغطية خديها بكفيها والاستعاذة بالله من جرأة النقاد الذين يلمحون فيخمنون