ويقول بادليو أنه تولى القيادة في ١٥١١١٩٣٥ ودخل عاصمة
الحبشة في ٥٥١٩٣٦ فكأنه لم يأخذ في العمليات التي قام بها
سوى ٤ أشهر وأيام معدودات.
وللوصول إلى نتيجة مثل هذه حشدت إيطاليا أكبر قوة عسكرية في القارة الأفريقية إذ جمعت ٣٠٠ ألف مقاتل إيطالي و ١٠٠ ألف عامل وقوة من الطائرات عمادها ٤٠٠ طائرة كما جمعت أكثر من ١٠٠ ألف من الجنود الأفريقية الملونة (السمر والسود) - وكانت العمليات الحربية التي قامت بها تمثل في اتساعها وتفرعها أكبر حرب للاستعمار رأتها القارة السوداء حتى ذلك التاريخ. فإذا أضفنا وسائل الفن الحديث للقتال وسوق الجيوش وتعبئتها ونقل المؤن وإنشاء الطرق جاءت هذه الحرب بمثابة فتح جديد للحروب الأفريقية.
ولهذا فإن الدراسات التي قامت على معارك حرب الحبشة كانت ذات أهمية خاصة. ولا أتهم بالمبالغة إذا قلت أن قواد الحلفاء الذين خاضوا غمار الحرب العالمية الثانية استفادوا كثيراً من دروسها، ثم أقول أنه من دروس الحرب العالمية الثانية ومعاركها في القارة الأفريقية ما يدعو أيضاً إلى الاستفادة من ناحية الاستعداد للحرب ووضع خططها في المستقبل: لأن عمل كل فئة استفاد منه من جاء بعدها وهلم جراً. . .
ولقد تبين لي من الإطلاع على ما كتبه بادليو أن إيطاليا كانت تضع الخطط منذ سنوات طويلة للحصول على النصر في الحبشة في حالة اشتباكها بالحرب معها - ولقد أخذت أهبتها منذ سنة ١٩٢٥ فبدأت تعيد النظر في أنظمة الجيش وتهيئة قواتها العسكرية بالمستعمرات.
واختارت لاتمام هذا العمل الإنشائي نخبة من ضباط الجيش الذين يعملون بهدوء وصمت: ومداومة وعناد.
وكان أول ما اهتمت به في نظامها الإنشائي العسكري تكليف وزارة الأشغال العامة بإنشاء شبكات محكمة لطرق المواصلات في إرتريا والصومال توصل إلى الحدود الحبشية.
وكان الاتصال دائما بين رئيس هيئة أركان حرب الجيش الإيطالي ووزارة الخارجية مباشرة - ولما تولى بادليو هذه الرئاسة كان يخول إليه حق الإطلاع باستمرار على دقائق