للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فخرجت من بيتي غدوة فلقيني الشيخ أبو الرجال الصديق لي فقال لي: يا سيدي هات قصيدتك التي مدحت بها النبي عليه السلام، والحال أني لم أكن أعلمت بها أحداً من الناس. فقلت: هي التي أولها أمن تذكر جيران بنى سلم=مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم

فقلت أين حفظتها يا أبا الرجاء؟ وما قرأتها على أحد ممن جاء. قال: لقد سمعتها البارحة ننشدها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتمايل ويتحرك استحسانا تحرك الأغصان المثمرة بهبوب نسيم الرياح. فأعطيته إياها فنشر الخبر بين الناس.)

وهذه القصة تمتاز عن قصة ابن شاكر بأنها ذكرت لنا اسم هذا الفقير وهو أبوالرجاء. وأن هذا الفقير كان صديقاً للبوصيري. كأنما البوصيري كان نبياً يقول بأمور لا قصد فيها غير أبي الرجاء، ومن ثم أطلق عليه لقب (الصديق)

وتفيدنا هذه القصة أن أبا الرجاء الصديق هذا قد شارك البوصيري في رؤية الرسول وأنه كان حاضراً حينما أنشدها الشاعر ورأى النبي يتمايل تمايل الأغصان المثمرة. وأن هذا الصديق هو الذي رأى النبي وهو يلقى على البوصيري البردة. أي أن موضوع البردة هنا من عند أبي الرجاء الصديق وليس من عند البوصيري.

ولا شك في أن هذا كله مختلق وموضوع وأنه من نسج الخيال. ولقد أمعنوا في الكذب والاختلاق فرووا أن البوصيري لما وصل إلىقوله:

(فمبلغ العلم فيه، أنه يو - فعف) بشر فقال له النبي: قل يا إمام.

فقال البوصيري: (إني لم أوفق للمصراع الثاني) فقال النبي: قل يا إمام (وأنه خير خلق الله كلهم). فأدمج البوصيري هذا المصرع في قصيدته. وكل هذا إفك وبهتان. والعجب لمن لا يتورعون عن الكذب على رسول الله!

(يتبع)

محمد سيد كيلاني

<<  <  ج:
ص:  >  >>