جبينها الوضاح نور يتألق، وفي عينيها الزرقاوين شرارة تلتهب، وبين شفتيها الحمراوين خمرة تفور. أما خدها الأسيل فزنبقة من الحلد، وأما شعرها الطويل فموج من ذهب، وأما خصرها النحيل فأرهفته يد الخالق الفنان.
- يا ليت شعراءنا يسمعون وصفك الخيالي ليعلموا أن أشعار الملوك ملوك الأشعار. وأنها تنطلق من أعماق القلب هازئة بالقوافي والأوزان.
- إن شعراءكم أيها الناس مغرورون، وكثير منهم كاذبون. يكتفون بتقطيع البحور ووزنها، ثم يصرون ما لا تدركه بصائرهم ويتخيلون مالا حقيقة له في أنفسهم، ويخدعونكم بزخرف ألفاظهم فتقعون له ساجدين.
- ولكن أعذب الشعر أكذبه أيها الملك الشاعر.
- وإن للكذب فنوناً وأساليب، أيها الفضولي الغريب، فلقد تتخيل ما تشاء من الأخيلة الكواذب وأنت - مع ذلك - صادق الشعور صدقاً فنياً لا خلقياً. وإن لك أن تكذب ما حلا لك على أن تتلو وحي قلبك، حين تفنن في كذبك.
- سأقول هذا لشعرائنا المعاصرين؛ ولكن. . . من لقنك هذا أيها البحر العظيم؟
- ملهمتي. . . أجل. . . الشمس التي تفيض على النور، فتجعلني مرهف الحس والشعور.
- الشمس - دائماً الشمس - ألست تبصر سواها في الوجود؟
- ومالي لا أغمض عيني عن سواها وهي ربة النور
- أنظر إلى السماء. . . إنها - هي الأخرى - فاتنة حسناء حين يصفو أديمها، ويتهلل وجهها، فتسر الناظرين.
- السماء؟! أكرهها
- لماذا أيها البحر؟
- لأن سحابها الثقال تحاول أن تحجب عب الشمس كلما تكاثفت، ولأن نجومها التياهة ودت لو تعوض لألاء شمسي كلما طلعت، ولأن قمرها المغرور ينكر الجميل ويحسب أنه ناسخ بنوره ضياء شمسي كلما سطع.
- أنت إذن تكره الظلام؟
- ومن لا يكرهه في الوجود؟ أن الظلام معلم النفاق الأول