المسلمين في موضع مسيطر. ولعل عكاشة وثابتاً قتلا لما كانا يقومان بالاستطلاع فقتلتهما الطليعة التي أوفدها طليحة بقيادة أخيه سلمة فنصب كميناً لقوة الاستطلاع وباغتها، ولما اطلع المسلمون على مقتل عكاشة وثابت هالهم الأمر.
ومن الروايات ما يشير إلى أن خالداً لم يزور عن طريقه كما تقدم من ذي القصة إلى بزاخة إلا بعد ما رأى الجزع المستولي على أصحابه عند مقتل عكاشة وثابت فمال بهم إلى حي طيء وقال لهم:(هل لكم إلى أن أميل بكم إلى حي من أحياء العرب كثير عددهم كثير شوكتهم. . . الخ).
ولعل هذه الروايات ذكرت لتسويغ ازورار جيش خالد عن طريقه نحو بلاد طيء على ما أثبتناه فيما تقدم، إذ لا يعقل أن يصيب المسلمين الجزع بمجرد أن يقتل منهم فارسان، والروايات ذاتها تذكر قتل عكاشة وثابت بيد طليحة وأخيه سلمة بمعنى أن القتال وقع بالقرب من بزاخة فيكون من الصعب أن يدير خالد ظهره ويترك عدوه ويتوجه نحو بلاد طيء بينما كان أهلها مترددين.
والواضح من هذه الروايات أن خالداً قدر سير الموقف قبل مسيره من ذي القصة.
القتال
رتب خالد جيشه في خط القتال وجعل الأنصار والمهاجرين في الميسرة ورجال القبائل في الميمنة، ولعل أهل طيء كانوا في القلب مع بعض القبائل.
أما جيش طليحة فكان عيينة بن حصن مع سبعمائة فارس من فزارة في الصف الأول، وكان طليحة بن خويلد في القلب يشرف على القتال، وفي أطرافه أربعون فتى من بني أسد استماتوا في الدفاع عنه. وكانت راية بني أسد حمراء رآها المسلمون من بعيد.
وتدل الأخبار على أن القتال بدئ بهجوم الفريقين أحدهما على الآخر، فكان عيينة بن حصن يقود الفرسان، أما حبال وسلمة أخوا طليحة فكانا يقوم المجنبتين من جيش الأعداء.
ويذكر الواقدي نقلاً عن رجل من هوزان حضر قتال بزاخة أن المسلمين فازوا بالمعركة بفضل البطولة التي أبداها خالد بن الوليد.
ويقول الراوي أن ميمنة المسلمين ارتدت على أعقابها لما هاجمها الأعداء فأثر ذلك في الميسرة فانسحبت بدورها، فتدارك الأمر خالد بحملته على الأعداء وندائه يا أنصار الله!