وفي دقائق معدودة، عرف سليم وأمه ما كانا يجهلانه سنين عديدة. . . في دقائق معدودة، عرف سليم أن عمه في البرازيل قد أصاب ثروة كبيرة، وأنه قد تزوج ولكن زواجه ظل عقيماً، وأن هذا العم يحتضر اليوم ويريده على عجل ليهبه نصف الثروة التي جمعها في بلاد الغربة. . . أما النصف الآخر فهو للزوجة التي شاركته الكد والتعب وجمع المال وتكديس الذهب!
واتكأ الفتى على حاجز الباخرة في يأس وفتور، وراحت شفتاه تتهامسان والظلام يجثم على صدر البحر كالعبء الثقيل - ولكن لماذا تقاسمني هذه المرأة الغريبة نصف الثروة التي وعدت بها؟!، من أي حائط قد برزت هذه الجنية البغيضة لتسلبني نصف الذهب الذي انتظرته أكثر من عشرين عاماً متحملاً من أجل ذلك عذاب الانتظار وشظف العيش وقساوة الحياة؟!
وافترت شفتاه عن ابتسامة صفراء خبيثة. . . وسحق عقب سيجارته برأس حذائه، ودلف إلى غرفته لينام لأول مرة منذ وصلته رسالة عمه، نوماً هادئاً عميقاً متواصلاً!
واستقبلته في الميناء سيارة فارغة هي سيارة العم إبراهيم، واحتضنته في القصر الفخم ذراعان دب فيهما دبيب الموت هما ذراعا العم إبراهيم، وابتسمت له شفتان ساحرتان هما شفتا زوج العم إبراهيم!. . .
وفي اليوم التالي، أعدت للغذاء قرب سرير العم المريض مائدة صغيرة حافلة بكل طعام شهي لذيذ، وجلست زوجة العم على رأس المائدة تقطع من هذا القديد وذاك الفطير، وتضعه أمام الفتى مرحبة به مكرمة ضيافته. . . وقد فات الفتى أن يغوص في أعماق عينيها ليرى تلك النظرة الغريبة التي كانت ترمقه بها بين الحين والحين!
وقبل أن يمد سليم يده إلى الطعام، لحظت عيناه قطة جميلة لا ترضى لها مجلساً إلا تحت قدمي زوجة العم، فأحب الفتى أن يداعبها ويلاطفها وقد رأى زوجة عمه تعز قطتها وتعطف عليها، فمد يده إليها بقطعة من اللحم الذي وضعته زوجة عمه في صحنه، فما كاد يفعل هذا حتى ندت عن شفتي زوجة العم صيحة خافتة بدا عليها أنها حاولت كثيراً أن تخنقها في فمها أو تقتلها على شفتيها، ولكنها كانت على ما يظهر أشد قوة وانطلاقاً من أن