فالكتلتان المتعاديتان اليوم إنما تتنازعان على ارض الكتلة الثالثة وخاماتها ومواردها. والذين يقولون على إحدى الكتلتين: إنها مجموعة من الملائكة ذوات الأجنحة البيض التي لا تبغي في الأرض إلا السلام البريء، بلا مصلحة ولا غاية، إلا غايات القديسين والملائكة الأبرار. . إنما يحتقرون عقولهم أو عقول الناس. وإنما يقولون كلاما سخيفا لا يصدقه حتى الأطفال. . وحين تبرز إلى الوجود كتلة العالم الإسلامي. ستفكر كل من الكتلتين مرتين قبل الإقدام على الحرب. لأن أرض الكتلة الثالثة ومواردها لمن تكون يومئذ صيدا رخيصا سهلا. يسيل له لعاب الشرقيين أو الغربيين. فضلا عن أن هذه الكتلة الثالثة تملك إيجاد التوازن بين القوتين، وتملك أن تهدد الفئة الباغية بأنها ستكون ضدها. ولن تقدم على الحرب كتلة تقف لها كتلة العالم الإسلامي بالمرصاد، وتنضم إلى خصومها فترجح الكفة ترجيحا لا شك فيه.
وبعد فأحب أن أقرر في نهاية الأمر أن الحديث اليوم عن الكتلة الثالثة ليس دعوة لقيامها. ولكنه تقريرا لوجودها. وجودها الذي لن يملك أحد ولا قوة أن تعدمه. لأن طبائع الأشياء، وتطورات التاريخ، وضرورات الإنسانية. . كلها تدعو إليه وتنادي به. والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون