ولقد شاد بتلك الروعة الضابط العيوف (محمد توفيق علي) حين اضطر إلى ترك الصفوف وخدمة الجيش، وعكف في مزرعته يغذي ميداني الأدب والزراعة فقال:
ويا سطوراً بمحراثي أدبجها ... لا يستقل بها القرطاس والقلم
أما (المحراث) الذي يشق لنا الأرض اليوم ليفتح سيل الخير غداً فقد جاءنا بأكثر من احتلال واحد
فإذا ذكرت (قصر النيل) ومآله، (وقشلاق العباسية) وعاره، فإنك واجد في أعماق الريف وأينما سرت فوق التربة المصرية (فوردسن) و (لانس) و (هوفر) من معادن غريبة عنا، وبائعين لا يذكرون لنا من حسنة الاسداد (القسط)، فإذا أردنا للمحراث حركة، فلا بد من (البنزين) من أمريكا، (والقار) من رومانيا، والزيوت من أصقاع نائية
وأما تلك الأوراق التي يوقعها الزارع. فغذاء للمحاكم المختلطة، وجن يحمل المال من مصر إلى أوربا، وآفة من آفات الإهمال قضت على إحدى صناعات الزراعة، وهي تربية الماشية، ودهورت أسعار الحبوب والزروع من فول وشعير وعلف، كانت تحمل من أرضنا إلى موانينا، ونؤدي الثمن في المنيا والخرطوم، فلا تعدو خيراته الإسكندرية، ثم يعود في أبواب أخرى إلى المدينتين وسواهما من مدن القطر المصري السوداني وبلاده وقراه!