للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تنجحا تحت قبة البرلمان، ولم تقدما ذرة من الخير لهذا البلد المنكوب،

إن عملية الانتخاب في الريف لم تزل عملية آلية، يتولى تحريكها العصبيات وذوو البطش وأصحاب السلطة من عمدة القرية إلى خفيرها. والفلاحون لا يفهمون من الأمر شيئا سوى أنهم يساقون يوم الانتخابات إلى الصناديق كما تساق المواشي إلى الحظائر. وأصحاب الحول والطول منهم لا يدفعهم إلى التأييد أو الخذلان سوى المنافع الشخصية، أو الحزازات الأسرية. وإن عملية الانتخاب في العاصمة لم تزل عملية تجارية يلعب خلالها السماسرة من رواد المقاهي وفتوات الأحياء دورا يشهد لهم بالبطولة ويقر لهم بالفروسية؛ لأن الطبقة المثقفة في العواصم تضم بأصواتها أن تكون وقوداً للضوضاء ودخاناً للمهازل!

ثم ماذا فعل البرلمان لمصر وهي لم تزل ترسف في قيود الذل والاحتلال؟ ثم ماذا فعلت أصوات الناخبين وصيحات المنتخبين ومصر لم تستطيع بعد أن تسحق الاحتلال الجاثم فوق صدرها وتزهق روح النفوذ الأجنبي الذي يسير دفة سياستها، ولا أن تظفر بالوحدة المؤكدة لشعب وادي النيل، ولا أن تنهض بالشعب إلى المستوى الذي يليق بالآدمية في دنيا الناس.

ثم ماذا فعلت هذه الحركات النسائية! هل استطاعت أن تعمم التعليم بين بنات جنسها، وإن تشق جداول الثقافة لينهل منها الجميع على السواء؟ ألا تدري المتزعمات لهذه الحركات أن نسبة المتعلمات لم تزل تافهة لا يقام لها وزن، وأن نسبة الجهل في السواد الأعظم من بنات جنسهن لم تزل عالية إلى درجة الخجل. فلتسهم هذه الحركات النسائية - إن كانت صادقة في جهودها - في تحقيق الوحدة والجلاء. ولتسهم بجانب هذا في النهوض بالمرأة ثقافياً واجتماعياً وعلمياً، بحيث تشمل نهضتها المدن والقرى والكفور، وليكن للمرآة بعدئذ ما أرادت من حقوقها السياسية والاجتماعية.

أما الفريق الآخر: وهو الفريق المناهض للحركات النسائية فتتزعمه الهيئات الإسلامية الراكدة وبعض رجال الدين المحسوبين على الدين ظلماً. والواقع أنه ليس لهؤلاء الناس أهداف حية يرغبون في تحقيقها حتى يعملوا، فهم يتصيدون المعارك الجدلية والميادين الفارغة ليثبتوا وجودهم. وهم يحاولون أن يجعلوا للإسلام سلطة في توافه المسائل ولو ظل مسلوب السلطة في مهام الأمور. ويؤولون في كتاب الله تأويلا فاسدا يتفق وضآلة الحجة

<<  <  ج:
ص:  >  >>