للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لقد صرح القوم في كتاباتهم وفي خطبهم بأن الاستعمار والدكتاتورية يتناقضان مع الخلق الفاضل، فكلاهما من مظاهر الأنانية ومن أعداء التطهير، ومن ابعد ما يكون عن فضيلة الحب فضلاً عن التضحية

وسمعت في المؤتمر الأسبق داعيا مصرياً - هو الدكتور محمد صلاح الدين - يدعو القوم إلى مساعدتنا على المستعمرين بقصد تغييرهم فيجيبه العضو الإنكليزي باعتراف صرح في أنه سيدعو في أمته إلى التغيير (التحرر من الرذيلة)

لكن المؤتمر الأخير كان خاليا كل الخلو من أية كلمة ضد الاستعمار

فلما أردت التوجيه إلى هذه الناحية لمست اتجاهاً واضحاً إلى أن التلويح بعداوة الاستعمار كان من أجل غرض واحد هو الاستفادة بعداوتنا نحو الشيوعية، ولم يمنعني ذلك عن الإفاضة في بيان مساوئ الاستعمار. ولكني لم أجد بينهم جدية الإصغاء

لست نادماً على حسن الظن السابق فقد كان الدليل قائماً لدي على مسوغات، ولا أزال عند رأيي في أن الخلق الفاضل مشترك بين الأديان وفي أن الدكتور بوكمان مؤسس هذه الحركة رجل فاضل، ولكن هؤلاء الذين اندسوا عليه وأحاطوا به يحاولون استغلال هذه الحركة في أغراض أخرى

إن في الدنيا كثيراً من الحق الذي يراد به الباطل، ومن الزيت الذي يردا به إيقاد النار، ومن استغلال حسن الظن بالتلويح بالخير؛ فهل تغيرت الحركة أم انضم إليها بعض الوصوليين والانتهازيين أو بعض أصحاب المطامع؟ هذا ما ستظهره الأيام

على أنني أعتقد أنه مهما يكن الرأي في القائمين بهذه الحركة أو المندسين عليهم فإن البرنامج الذي وضعوه مفصلاً على أساس تلك المبادئ يمكن تبنيه على أن يكون الخلق الذي تتسلح به ذا طابع قومي

إن الأخلاق في ذاتها لا تختلف بين أمة وأمة، ولا بين دين وآخر ولكن الفهم لها وطرق التوجيه إليها والانتفاع بها تختلف كما بدا لي أخيراً من الذين تنطبق عليهم الآية الكريمة:

(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام)

الإسكندرية

أحمد عوض

<<  <  ج:
ص:  >  >>