وقد ظهر مؤخراً غير هؤلاء في إنكلترا وفي أمريكا كاللورد بنرانس وسر. ت. مارتن، وج. قرينود وغيرهم من مشاهير الأدباء وكبار النقدة ممن عززوا النظرية البيكونية، وحملوا على شكسبير كادت أن تمحو أسمه محواً؛ وتدحر جيش أنصاره دحراً
ويبني معظم أنصار بيكون حجتهم على النقط التالية:
(١) إن سر توبي ماتيوس سنة ١٦٢١ برسالة إلى بيكون يمتدحه فيما ويعده (أنبغ من أنجبت إنكلترا، ومن عاش على هذا الجانب من البحر، في العصر الحاضر)
(٢) إن في روايات شكسبير بعض فقرات ومفردات تدل على تبحر مؤلفها في العلم وتعمقه في الفلسفة والقانون مما لا يمكن أن يعزى إلى شكسبير كما يظهر في ترجمة حياته المعروفة
(٣) إن في روايات شكسبير مشاهد وأبياتاً تشهد بأن ناظم عقدها أرستقراطي النزعة والنشأة. مثال ذلك أنه: يسخر بالرعاع، ويزدري عامة البشر في كل من (يوليوس قيصر) و (كور يولانس) سخرية وازدراء لا يمكن أن يصدرا من شكسبير القروي الوضيع النسب، إن ذلك إلا مظهر عن مظاهر نبذ الأرستقراطية للعامة وكراهيتها لها، واعتزازها برجالها، وفي مقدمتهم بيكون
(٤) أما أخر هذه البراهين، والذي عليه يبني جميع خصوم شكسبير، على اختلاف أشخاصهم، آراءهم واعتقادهم الراسخ في أن شكسبير على ما في نسبه من ضعةٍ، وفي نشأته من حقارة، وفي علمه من نقص، وفي خلقه من مغمز، وفي حياته من غموض وإبهام، لا يمكن أن يكون مؤلف تلك الروايات الخالدة، التي تشهد لصاحبها بعبقرية تفوق كل عبقرية، ونبوغ هو فوق كل نبوغ، كيف يمكن هذا، مادام هناك بيكون الفيلسوف الكبير، والنابغة الفذ الذي شغل أهل زمانه، وملأ أسماعهم وأبصارهم؟
ويأخذ أنصار شكسبير هذه الحجج ويفدونها واحدةً واحدة. فيقولون - مثلاً في الرد على الحجة الأولى إن (سر توبي ماتيوس) لم يعن في رسالته بيكون الفيلسوف، وإنما عني راهباً يسوعياً آخر اسمه طوماس كان يعرف بلقب بيكون. مع كل هذا يرى أنصار شكسبير - مسلمين جدلاً بأني سر توبي يعني الفيلسوف بيكون - أن ليس في هذا ما يدل كل الدلالة على إن بيكون إنما هو مؤلف روايات شكسبير. إن هي إلا العاطفة، عاطفة