للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنْ مَحَاسِنِ الحج تَصْفِيةُ النَّفس، وتَعْوِيدِها البدل والانفاق، وتَحَمّل المشاق، وترك الزينة والخيلاء، ومنها شُعُور المرء بمُسَاواتِهِ لِغَيْرِه، فلا مُلِكَ وَلا مَمْلُوكَ، ولا غنى ولا فقير، بَلِ الكُلُ هُنَاكَ سَوَاء، ومِنْ مَحاسن الحج التنقل في البلاد المعرفةِ أَحوالها، وَعَادَاتِ سُكَّانِها، وَزِيَارَةِ مُهْبَطِ الوحي، والرُّسُلِ الكرام، وَمِنْ مَحَاسِن الحج تَذَكَّرُ المُجمع العظيم في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُم الدَّاعِي، وَيُنْفِدُهُم البَصَرُ، وذَلِكَ في المحْشَرِ (يَوْمَ يَقُومُ الناسُ لِرَبِّ العالمين حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً، وَمِنْ مَحَاسِنِهِ تَوْطِينُ النَّفْسِ عَلَى فِرَاقِ الأَهْلِ وَالْوَلَدِ، إذ لا بُدَّ مِنْ مُفَارَقَتِهم، فَلَوْ فَارَقَهُم فجأة حَصَلَ صُدمة عظيمة عِنْدَ الفراق، وَمِنْ مَحَاسِنِ الحَج أَنه مَتَى قَصَدَهُ يَتَزَوَّدُ لِسَفَرِه بكل ما يحتاج إليه، مُدَّةَ ذهابه وإيابه، فَيَتَزَوَّدُ لِلْعُقْبي، وهي السفرة الطويلة، التي لا رُجُوعَ بَعْدُهَا، حَتى يَبْعَثَ الله

الأُولِينَ وَالْآخِرِينَ.

وفي سَفَرِ الحج قَدْ يُجد ما يُحْتاجُ إِليهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ، وَلَا يَجد في العقبى ما يحتاج إِليه لِلدّارِ الآخرة،

<<  <   >  >>