٥٨ - أَخْبَرَنَا الْخَصِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَصِيبِ الْقَاضِي , قِرَاءَةً عَلَيْهِ , وَأَنَا أَسْمَعُ , قَالَ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَصِيبِ , أَمْلَى , قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْحَذَّاءُ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْوَلِيدِ خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ , قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ , عَنْ بَكْرِ بْنِ خُنَيْسٍ , عَنْ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو , عَنِ الْحَسَنِ , قَالَ: قَرَأَ الْقُرْآنَ ثَلاثَةٌ , رَجُلٌ اتَّخَذَهُ بِضَاعَةً يَنْقُلُهُ مِنْ مِصْرٍ إِلَى مِصْرٍ , يَطْلُبُ بِهِ مَا عِنْدَ النَّاسِ , وَقَوْمٌ قَرَءُوا الْقُرْآنَ حَفِظُوا حُرُوفَهُ وَضَيَّعُوا حُدُودَهُ , وَاسْتَدَرُّوا بِهِ الْوُلاةَ وَاسْتَطَالُوا بِهِ عَلَى أَهْلِ بِلادِهِمْ فَقَدْ كَثُرَ هَؤُلاءِ الضَّرْبُ فِي حَمَلَةِ الْقُرْآنِ، لا كَثَّرَهُمُ اللَّهُ، وَرَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَبَدَأَ بَدَوَاءِ الْقُرْآنِ فَوَضَعَهُ عَلَى دَاءِ قَلْبِهِ فَسَهِرَ لَيْلَهُ وَهَمَلَتْ عَيْنَاهُ، تَسَرْبَلُوا بِالْحُزْنِ وَابْتدَوْا بِالْخُشُوعِ ذَكَرُوا فِي مَحَارِيبِهِمْ , وَجَثَوْا بَرَانِسَهُمْ، فَبِهِمْ يَسْقِي اللَّهُ الْغَيْثَ , وَيُنَزِّلُ النَّصْرَ وَيَدْفَعُ الْبَلاءَ، وَاللَّهُ لِهَذَا الضَّرْبِ فِي حَمَلَةِ الْقُرْآنِ أَقَلُّ مِنَ الْكِبْرِيتِ الأَحْمَرِ
أَخْبَرَنَا الْخَصِيبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخَصِيبِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ نَصْرٍ , قَالَ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ, عَنِ الأَشْجَعِيِّ, عَنْ سُفْيَانَ, عَنْ عِمْرَانَ الْمِنْقَرِيِّ, قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ عَنْ مَسْأَلَةٍ قَالَ: فَلَمَّا أَجَابَنِي قُلْتُ: إِنَّ بَعْضَ هَؤُلاءِ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ فِيهَا غَيْرَ هَذَا، فَقَالَ: وَهَلْ رَأَيْتَ فَقِيهًا يُغْنِيكَ، إِنَّمَا الْفَقِيهُ الزَّاهِدُ فِي الدُّنْيَا، الرَّاغِبُ فِي الآخِرَةِ، الْبَصِيرُ لِدِينِهِ، الْمُدَاوِمُ عَلَى عِبَادَةِ رَبِّهِ
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَزَّازُ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ ,وَأَنَا أَسْمَعُ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ بُهْزَادَ بْنِ مِهْرَانَ , قِرَاءَةً عَلَيْهِ , يَوْمَ الاثْنَيْنِ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلاثِينَ وَثَلاثِمِائَةٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ الْهَدَادِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ , قَالَ: أُتِيَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بِرَجُلٍ مِنَ الْخَوَارِجِ فَأُدْخِلَ عَلَيْهِ , وَالْحَجَّاجُ يَتَغَدَّى , فَجَعَلَ الْخَارِجِيُّ يَنْظُرُ إِلَى حِيطَانِهِ , وَمَا قَدْ يَجِدُ , فَجَعَلَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اهْدِمِ اللَّهُمَّ اهْدِمِ اللَّهُمَّ اهْدِمِ , فَقَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ: هِيه كَأَنَّكَ لا تَدْرِي مَا يُرَادُ بِكَ , فَقَالَ الْخَارِجِيُّ: هيه نَزَعَ اللَّهُ مَا ضغنك , وَمَا عَلَيْكَ لَوْ دَعَوْتَنِي إِلَى طَعَامِكَ , أَمَا إِنَّ فِيكَ ثَلاثَ خِصَالٍ مِمَّا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ عَادًا , فَقَالَ: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {١٢٨} وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ {١٢٩} وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ {١٣٠} } [الشعراء: ١٢٨-١٣٠] , فَامْتَلأَ الْحَجَّاجُ غَيْظًا , فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ , وَأَخْرَجُوهُ إِلَى الرَّحْبَةِ لِيَقْتُلُوهُ , فَقَالَ لَهُمْ: دَعُونِي أَتَمَثَّلُ بِثَلاثَةِ أَبْيَاتٍ , فَقَالُوا: تَمَثَّلْ بِمَا شِئْتَ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:
مَا رَغْبَةُ النَّفْسِ فِي الْحَيَاةِ ... وَإِنْ عَاشَتْ طَوِيلا فَالْمَوْتُ لاحِقُهَا
أَوَأَيْقَنْتُ أَنَّهَا لا تَعُودُ كَمَا كَانَ ... بَرَّأَهَا بِالأَمْسِ خَالِقُهَا
أَأَتَمَّتْ غَبْطَةً تَمَّتْ هَرمًا لِلْمَوْتِ ... كَأْسٌ وَالْمَرْءُ ذَائِقُهَا.
ثُمَّ مَدَّ عُنُقَهُ فَضُرِبَتْ فَانْصَرَفَ قَاتِلُوهُ إِلَى الْحَجَّاجِ , فَأَخْبَرُوهُ بِقَوْلِهِ , فَقَالَ: لِلَّهِ دَرُّهُ مَا كَانَ أَصْرَمَهُ فِي حَيَاتِهِ وَعِنْدَ وَفَاتِهِ آخِرُ الْجُزْءِ السَّادِسَ عَشَرَ مِنَ الْفَوَائِدِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَقَّ حَمْدِهِ , وَصَلَوَاتُهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا.