للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأمسِ؟ قالَ له: بَلى، قالَ: فما كانَ سببَ إسلامِكَ؟ قالَ: انصرفتُ مِن حَضرتِكَ، فأحببتُ أن أمتحِنَ هذه الأديانَ، وأنا مَع ما (١) تَراني حسنُ الخطِّ، فعَمدتُّ إلى التوراةِ، فكَتبتُ ثلاثَ نُسخٍ، فزِدتُّ فيها ونَقصتُ، وأدخلتُها الكنيسةَ، فاشتُريتْ مِني، وعَمدتُّ إلى الإنجيلِ، فكَتبتُ ثلاثَ نُسخٍ، فزِدتُّ فيها ونَقصتُ، وأدخلتُها البَيعةَ فاشتُريتْ مِني، وعَمدتُّ إلى القرآنِ، فعَملتُ ثلاثَ نُسخٍ، وزِدتُّ فيها ونَقصتُ، وأدخلتُها إلى الورَّاقينَ (٢)، فتَصفَّحوها، فلمَّا أن وَجدوا فيها الزِّيادةَ والنُّقصانَ رَمَوا بها، فلم يشتَروها، فعَلمتُ أنَّ هذا كتابٌ محفوظٌ، فكانَ سَببَ إِسلامي.

قالَ يحيى بنُ أكثَمَ: فحَججتُ في تلكَ السَّنةِ، فلَقيتُ سفيانَ بنَ عُيينةَ، فذَكرتُ له الحديثَ، فقالَ لي: تَصديقُ (٣) هذا في كتابِ اللهِ ﷿، قالَ: قُلتُ: في أيِّ مَوضعٍ؟ قالَ: في قولِ اللهِ ﷿ في التَّوراةِ والإنجيلِ: ﴿بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللهِ﴾ [المائدة: ٤٤]، فجَعلَ حِفظَه إليهم فضاعَ، وقالَ ﷿: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون﴾ [الحجر: ٩]، فحَفِظَه اللهُ عَلينا فلم يَضِعْ (٤).

آخِرُ المَجلسِ الرابعِ


(١) كتبت في الأصل موصولة: معما.
(٢) في الأصل: الوارقين.
(٣) في مصادر التخريج: «مِصداق» ويظهر لي أنها كانت كذلك في الأصل ثم عُدلت إلى «تَصديق». والله أعلم.
(٤) أخرجه القرطبي في «تفسيره» (١٠/ ٦) من طريق المصنف به.
وأخرجه البيهقي في «الدلائل» (٧/ ١٥٩ - ١٦٠)، وابن الجوزي في «المنتظم» (١٠/ ٥١) من طريق الطوماري به.

<<  <   >  >>