للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

التنصير هو الأصل الحقيقي للاستشراق، " وليس العكس صحيحا كما يذهب أغلب الباحثين " (١) . والدلائل التي ذكرت في ثنايا هذه الدراسة تؤيد ذلك وتدعمه.

ومن هذا المنطلق يفهم التوجه إلى تعريف المستشرقين بأنهم " الذين يقومون بهذه الدراسات من غير الشرقيين، ويقدمون الدراسات اللازمة للمبشرين، بغية تحقيق أهداف التبشير، وللدوائر الاستعمارية بغية تحقيق أهداف الاستعمار " (٢) .

وقد انتظم الاستشراق في الفاتيكان وانتشر واستمر على أيدي البابوات والأساقفة والرهبان، فكان رجال الدين النصراني " - ومجمعهم الفاتيكان يومئذ - يؤلفون الطبقة المتعلمة في أوربا، ولا سبيل إلى إرساء نهضتها إلا على أساس من التراث الإنساني الذي تمثلته الثقافة العربية، فتعلموا العربية، ثم اليونانية، ثم اللغات الشرقية للنفوذ منها إليه. . . " (٣) وكذلك لمقارعة فقهاء المسلمين واليهود والرد عليهم، وتدريب أدلاء يتخاطبون بالعربية


(١) ساسي سالم الحاج: الظاهرة الاستشراقية - مرجع سابق - ص ٤٤.
(٢) عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني: أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها: التبشير - الاستشراق - الاستعمار، دراسة وتحليل وتوجيه - ط ٤ - دمشق: دار القلم، ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥ م - ص ٥٠.
(٣) نجيب العقيقي: المستشرقون - مرجع سابق - ١: ١٠٤.

<<  <   >  >>