الاستغلال: ومع هذا فإنه من المهم التأكيد على أن بعض التيارات قد استغلت الأخرى في تحقيق مصالحها، فكان ذلك الاتفاق، الظاهري على الأقل، لا سيما عندما نعلم أن السياسة قد استغلت التنصير في الوصول إلى مآربها إبان فترة الاستعمار (١) وقبل ذلك استغلت الحروب الصليبية في الوصول إلى أغراض سياسية، بل إن ممن يدرسون هذه الحروب من لا يغفلون الجانب الاقتصادي وراءها، الأمر الذي يشهد له انخراط كثير من المحاربين الذين لم يأتوا إلى الشرق الإسلامي لإنقاذ المقدسات النصرانية من أيدي المسلمين، بل ليحققوا ثروات فردية، فاكتظت الحملات الصليبية بالقتلة والفجار واللصوص والقراصنة والنساء التائهات والأطفال المشردين، " وكل يبتغي تحقيق مصلحة آنية بعيدة تماما عن الأهداف الدينية، بل إن الكنيسة وهي المروجة الأولى والداعية الملحاح للحروب الصليبية اتخذت الربح المادي مطمحا لها، بل إنها قد استفادت من جهتين:
الأولى:
عند استيلائها على أموال الإقطاعيين والأغنياء الذين كانوا عند
(١) عبد الرزاق دياربكرلي: تنصير ٧٢٠ مليون مسلم، بحث في أخطر استراتيجية طرحها مؤتمر كولورادو التنصيري الشهير بالولايات المتحدة الأمريكية - القاهرة: المختار الإسلامي، [١٩٩٣ م] ، ص ٣٠ - ٤٨ - (سلسلة مكتبة التنصير ٢) .