المنهوبة على ضوء ما عرفوه عنها " (١) وفي هذا شيء من الاقتصار على هدف من أهداف الاستشراق يخدم مجال الباحث في بحثه دون النظر إلى الأهداف الأخرى، ويؤدي هذا إلى قصر الأهداف على الهدف الديني التنصيري، الأمر الذي ينبغي ألا يكون.
ومن المهم هنا النظرة إلى التداخل في الأهداف مع القدرة على التمييز بينها، وأن هذه الأهداف إنما تسعى إلى الإفادة من بعضها في تحقيق غاياتها، فالهدف الديني، ومنه التنصير، للاستشراق يتداخل مع الأهداف الأخرى كالاستعمار والهدف السياسي، بل والهدف الاقتصادي والتجاري، ثم الهدف العلمي، وذلك لتعذر التخلي عن الخلفية الثقافية القائمة على الدين في النظر إلى الثقافات الأخرى. وهذا ما جعل بعض المستشرقين ينظر إلى الشرق نظرة فوقية مدعيا أن علو الغرب إنما يعود إلى الديانة النصرانية، بينما يعود تخلف الشرق وبالتالي دونيته لتمسكه بالإسلام.
وقد استمرت هذه النظرة الفوقية المنبعثة من الدين، وغذتها كذلك النظرة العرقية، إلى وقتنا الحاضر، ويذكر " خير الله سعيد " أن " جوهر الاستشراق هو التمييز الذي يستحيل اجتثاثه بين الفوقية الغربية والدونية الشرقية، ثم
(١) عبد العظيم الديب: "المستشرقون والتاريخ " - في: الإسلام والمستشرقون - مرجع سابق - ص ٢٧٥ - ٢٨٧.