لكن ينبغي أن يعلم أن حماسة الخطيب في خطبته يجب أن تكون منضبطة ومتزنة وملتزمة بالحكمة والتعقُّل والبعد عن إِثارة الفتنة أو التعرض لأناس بأعيانهم، والنيل منهم بطريقة نابية تشمئز منها النفوس وتنفر منها الطباع السليمة، والعقول السوَّية، كما يجب عدم التشهير بالعصاة من فوق أعواد المنبر، فإِن الولوغ في أعراض الناس ونهشها أمر قبيح لا يقرُّه من عنده أثارة من دين أو عقل أو أدب، بل إِن ذلك بعيد كُلَّ البعد عن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لم يعرف عنه أنه شهَّر بأحد أو جرَّحه، وإنما يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا.
ففي التلميح ما يغني عن التصريح، وفي التعميم ما يغني عن التخصيص، والتجريحُ والتشهيرُ فوق المنبر سوءُ أدب مع المستمع وتوبيخ لصاحب المعصية ممَّا يؤدي به إِلى الإِعراض عن النصيحة والتمادي في الخطأ وفي ذلك يقول الإِمام الشافعي رحمه الله: