الترغيب والترهيب، والهيثمي في مجمع الزوائد، ومجموعها يدل على أن الحديث متواتر حيث رواه ثمانية عشر من الصحابة، وبعضهم روى حديثين كابن عباس، وعائشة، وأبي هريرة رضي الله عنهم، وما في بعضها من الضعف ينجبر برواية الآخرين، فيدل على القطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم رغب في بناء المساجد، وقد اشترط في أكثرها أن يكون البناء لله تعالى، أي يريد به وجه الله والدار الآخرة لا يريد به رياء ولا سمعة، ولا يتمدح به، ولا يمن به على المصلين، وإنما يقصد الأجر من الله تعالى، وذلك شرط ثقيل، وعلامة ذلك أن يخفى نفسه، أو لا يحب ذكر فعله على وجه الإعجاب بعمله، وقد جعل ثوابه على ذلك أن يبنى الله له بيتًا في الجنة، وهذا أجر عظيم، فقد ورد أن «موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها»(١) . وقوله في بعض الأحاديث:«ولو كمفحص قطاة» أي: الموضع الذي تصلحه من الأرض لبيضها، ولكنه أراد المبالغة في الصغر، حتى لا يحتقر أحد ما بناه من المساجد ولو في غاية الصغر، وقد يدخل في ذلك من ساهم في بنائه ولو باللبن أو الطين، أو عمل فيه بيده، أو دفع أجرة
(١) كما البخاري رقم ٢٨٩٢ عن سهل بن سعد، وله عن أنس برقم ٢٧٩٦ نحوه.