فلما سمع المرسين كلام الورد، قال: لقد لعب النسيم بالبرد، وباح النسيم بسره، ونشر السحاب عقود ظلّه، وتضّوع البهار بعرفه، وتبرج الربيع بقلائد نَحره، وخلع السرور عذاره، وبسط على الروض الأنيق أزهاره، وغرّد الهزار، ورد لعاشقة المزار، فقم بنا نتفرج، ونتيه بحسنه ونتبهرج، فأيّام السرور تُختلس، وأعمارها بأسرارها تُقتبس.
فلما سمع الورد كلام المرسين قال له: يا أمير الرياحين، من سلوك الأُمراء تأمّل الصواب في الآراء، تأمر باللو عبدك، وتحض على العيب جندك، وأسير الرعية، صاحب الفكرة والروية، فلا يعجبك حسنك إذا تماود غصنك، ولا لحسن أوراقك، وكرم أعراقك، فأيام الشباب كزيارة الأحباب، سريعة الزوال، دارسة الأطلال، كالطيف الطارق، والخيال المفارق، يطرق ويُلم، وينقطع وصله فلا يتم، وكذلك النبات، أخضر الجلباب، مورق العود، كالقباء المزرود، إذ حصد من أصله، وحكمت الأيام بشتات شمله. والنبات مختلف الأجناس، كاختلاف الحيوان من