الطفولة والصبا لقد سجلت المراجع التاريخية المروية بأسانيد متصلة إلى جميع المصادر الثابتة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم - تفاصيل نشأة النبي صلى الله عليه وسلم، وما مر بها من أحداث خلال فترة الطفولة والصبا، فذكرت تلك المصادر أنه صلى الله عليه وسلم بعد ولادته تولت إرضاعه حليمة السعدية، حيث كانت عادة العرب أن تدفع بأطفالها إلى نساء البوادي ليقمن بإرضاع الأطفال في البادية حتى ينشأوا على الفصاحة، والفطرة السليمة، والقوة البدنية.
وقد روت المصادر الإرهاصات التي حدثت لحليمة وزوجها منذ أن حل بهم الطفل الجديد - محمد صلى الله عليه وسلم - إذ تحول حالهما من العسر إلى اليسر، فقد أصبحت شاتهم العجفاء دارة للبن، وحتى حليمة ذاتها أصبح ثديها مدرارا للبن لأنها رضيع النبي صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك مما روته حليمة فيما ذكرته المصادر.
وقد بقى الصبي مع حليمة حتى بلغ الخامسة من عمره، وما أعادته إلا أنها خافت عليه من واقعة حدثت له، وهي حادثه شق الصدر. ذلك أن «ملكين جاءاه صلى الله عليه وسلم وهو بين صبية يلعبون فأخذاه وشقا صدره وأخرجا قلبه وغسلاه في طست ثم أعاداه موضعه فالتأم الجرح كأن شيئًا لم يكن» ، فلما حكى الصبية وفيهم صلى الله عليه وسلم هذه الحادثة لحليمة وزوجها خافا عليه خوفًا شديدًا فقررا إعادته إلى ذويه بمكة، ولكن ما بلغ الصبي السادسة من عمره حتى توفيت أمه آمنة، فتولى تربيته جده عبد المطلب فلما بلغ الصبي ثماني سنين وشهرين وعشرة أيام توفى جده عبد المطلب فانتقلت رعايته إلى عمه أبي طالب، فبقى بكنفه حتى بلغ أربعين سنة. وكان صلى الله عليه وسلم في أول شبابه عمل في رعي أغنام قريش على دراهم يعطونها إياه على ما هي عليه سنة الأنبياء من قبله.