للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا وَقَر في نفس الداعية كل هذا، فترت رغبته عن الرياء، وأقبل على الله بقلبه، وحرّر النّيةَ في كُلّ أعْمَالِهِ، وسَعَى جاهدًا ليحظَى برضوان الله -عز وجل- حتى إذا أتى ربه كان في مجمع من النبيين والشهداء والصالحين، وَحَسُن أولئك رفيقًا.

ثالثًا: أنْ يُطَبّع نفسه على إخفاء الأعمال:

وذلك في الأعمال التي يمكن أن يُسِرّ بها، ويَفْعَلها بعيدًا عن أعين الناس؛ كصلاة النافلة، والتصدق وتلاوة القرآن، وذكر الله وغير ذلك، وإخْفَاءُ هذه الأعمال، أو ما يُشابهها أسلم لنفسه، وأحوط لدينه؛ وأبعد له عن المراءاة، اللهم إلا إذا كان العمل ما لا يتمكن صاحبه أن يفعله إلا ظاهرًا، وأمام أعين الناس؛ كتعلم العلم وتعليمه، والصلاة مع الجماعة في المسجد، والخروج لأداء فريضة الحج، أو الجهاد لإعلاء كلمة الله، ونحو ذلك.

فمَن خاف من الرياء في حال فعل شيء من هذا؛ فلا يجوز له شرعًا أن يتركه بحجة المراءاة، بل واجب عليه أن يفعله، ثم يجتهد مخلصًا في دفع الرياء عن نفسه، وذلك بتحرير النّية، والتوجه إلى الله، والاستعانة به، في أن يسير في طريق الإخلاص والاستقامة، ومعاهدته على ذلك، واللهُ سبحانه لا يُخيبُ داعيًا، ولا يرُدّ سَائلًا، ولا يَتَخَلّى عن عبد مُنيب، مُقبل إليه، معتمد عليه.

تلكم أخوة الدعاة، أهم الخطوات في اقتلاع الرياء من القلوب، واجتثاثه من النفوس، فعلينا جميعًا أن نأخذ بأحسنها؛ لنكون بتوفيق الله من الذين إذا مسهم طائف من الشيطان، تذكروا فإذا هم مبصرون.

أما دفع ما يخْطُر للدّاعية في الحال؛ فاعلم -بارك الله فيك- أنّك إذا جاهدت نفسك في اقتلاع مغارس الرياء من قلبك، ووضعتَ مصير المرائين ومآلهم في تصورك، وظللت تُراقب الله -عز وجل- في جهرك وسرك، وعودت نفسك على إخفاء الطاعة فيما يمكن

<<  <   >  >>