للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إخفاؤه من أعمالك؛ فلا شَكّ أن الرياء ينفصل منك، وتتقطع خواطره عنك، وتُصْبِحُ عند الله من المتقين الأبرار، والمخلصين الأخيار.

ولكن عليك -أخي الداعية- أن تَعْلَم الشيطان -أخزاه الله- متربص لك بالمرصاد، وأن نزغات النفس الأمّارة قد تعاودك؛ فترةً بعد فترةٍ، وأن شهوة حمد الناس وثنائهم قد تعتريك حينًا بعد حين؛ فما العمل إذًا إذا عرَض لك عارض الرياء والخطرات؟

العملُ أنْ تَدْفَعَ ما يَحْلُو لك في الحال، وذلك بتساؤلك بهذا التساؤل: الله وحده عالم بحالي، ومطلع على أعمالي، ما لي وللخلق علموا بعملي أم لم يعلموا، ما لي وللعباد اطلعوا على طاعاتي أم لم يطلعوا، ما دمت أعمل لله وأبتغي مرضاته، وأطمع في جنته وثوابه.

فإذا هاجت الرّغْبَةُ فيك إلى آفة الحَمْد، واستشرفت في نفسك ثناء الناس، ذَكّرها آفات الرّياء، ومصير المُرائين، وأحوالهم في جهنم، وافتضاحهم يوم العرض على الله، إن كُنْتَ مُؤمنًا مُتحسسًا متيقظًا؛ فسُرعان ما تنقلب الرّغبة إلى كراهية، والاستسراف إلى نفور، وسرعان ما تندثر عنك خطرات الرّياء ونزغات النفس الأمَّارة، والله المستعان وهو الموفق للإخلاص، والمثبت على الإيمان.

وهنا يتساءل البعض: هل للداعية أن يترك تبليغ الدعوة، ويستنكف عن العمل الإسلامي إذا لم يأنس من نفسه الإخلاص؟

والجواب: سبق أن ذكرنا قبل قليل أن هناك من الأعمال ما لا يمكن الإسرار بها، كتعلم العلم وتعليمه، وصلاة الجماعة وتبليغ الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله. فهذه الأعمال ونحوها يؤديها المسلم كما هو

<<  <   >  >>