لتحقيق هدف وغاية معينة، ومن الخطأ أن نسارع إلى التحريم جملة. وحكم التحريم بالذات في شأن كهذا يعم البلاد الإسلامية ويشمل كل الفرق والتجمعات لا يمكن أن يكون صحيحاً.
إن التفرق والانقسام والتشتت الذي حرمه الإسلام في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو في الدين {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا}[الروم: ٣٢](سورة الروم، الآية ٣٢) ، ولا يجوز أن يكون التنازع الذي يفضي إلى الفشل {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}[الأنفال: ٤٦](سورة الأنفال، الآية ٤٦) . وكل هذه الأحكام لا تتعارض مع تجمع طائفة من المسلمين للتعاون على البر والتقوى في شئون حياتهم وأمور دنياهم، بل إن التعاون مأمور به ومندوب إليه {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}[المائدة: ٢](سورة المائدة، الآية ٢) ، ومن البر حفظ المصالح العامة وحفظ الحقوق وبحث وجوه المصالح الدنيوية وأساليب الإصلاح والتقويم للناس، فالسياسة الشرعية - كما عرفها ابن عقيل الفقيه الحنبلي - هي جعل الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد - وهذا مما تختلف فيه الآراء وتتعدد فيه الطرق لاختلاف الظروف والأحوال والأفهام - ولا مانع من أن يكون لجماعة من الناس رأي في كيفية إصلاح أمور الحياة الدنيوية - وهي أمور عامة ومعقدة ومتشابكة وتحتاج إلى التعاون الفكري وإلى والمادي في اكتشاف الطرق والأساليب كلها في يسر وسهولة ما دامت هذه الجماعة داخل جماعة المسلمين في عقيدتهم وشريعتهم وسلوكهم وتحت سلطانهم وفي طاعة ولي الأمر فيهم، وغايتهم التي يجتمعون عليها هي: النصح لله ولرسوله ولولاة