للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

من خلاله موقع الإنسان المسلم من المجتمع الذي يكون محيطه، وهو في الطريق نحو تحقيق القيم والمثل الديمقراطية، بحيث ترتبط حركته التاريخية بالمبادئ العامة، التي أقرها الإسلام في صورة بذور غرست في الوعي الإسلامي، وفي صورة شعور عام ودوافع تكون المعادلة الإسلامية في كل فرد من المجتمع.

ويجب أن نعتبر هذه الحركة الناشئة والمنشئة في لحظة بدايتها، أي في اللحظة التي تبتدئ تحقق شروط المشروع الديمقراطي الأولية، لأنها الشروط التي تتحقق بمقتضاها كل النتائج الاجتماعية المقبلة لهذا المشروع.

غير أننا أوضحنا فيما سبق، أن مرحلة التخلق والنشوء ترتبط بصورة شكلية، بتعبير جديد نطلقه على الإنسان، أي بتقويمه تقويماً جديداً ليصبح (المواطن) في الثورة الفرنسية، أو (الرفيق) في الثورة الروسية وتظهر، طبقاً لهذا التقويم، الاختلافات الأولى بين النماذج الديمقراطية المعروفة في التاريخ، حتى في المصطلح السياسي حيث نصبح نتكلم اليوم على (الديمقراطية الغربية) بأوروبا، و (الديمقراطية الشعبية) في الشرق، و (الديمقراطية الجديدة) في الصين (١).

فبصورة تزيد أو تنقص وضوحاً، نجد أنفسنا أمام نماذج ديمقراطية يختلف بعضها عن بعض، بمقدار تقويمها الجديد للإنسان بالقيمة التي تعطى له في صورة شكلية، تعبر بصورة رمزية عن بداية أو تدشين المشروع الديمقراطي في البلد، ووضعه في الطريق نحو القيم والمثل الديمقراطية.

وهذا التقويم الجديد للإنسان، يطبع من البداية فعالية المشروع وأثره في


(١) يمكن لتقويم الإنسان هذا أن يخضع لتغيرات غريبة كما تبيّنه لنا هذه الجملة التي يقولها لينن: ((ليس من المهم أن تموت ثلاثة أرباع الإنسانية إذا كان الربع الحي الباقي شيوعياً)) (يذكرها كيسرلنج Keyserling في التحليل الطبقي لأوروبا، ص ٣٢٩). [ط. ف].

<<  <   >  >>