السياسية، التي تمنح الفرد مسؤولية في تأسيس الحكم والضمانات اللازمة التي تحميه من جور هذا الحكم.
ولكن التجربة التي تجري للديمقراطية السياسية في العالم منذ عهد الثورة الفرنسية، تدلُّ على ضعف حريات الفرد، في الواقع، عندما لا تحميه في الوقت نفسه الضمانات الاجتماعية التي تكفل حريته المادية.
ولقد رأينا في البلاد المتطورة، كيف يصبح (المواطن الحر) عبداً مجهولاً لمصالح كبيرة تتحد ضده، وكم تضيع عليه بهذا السبب المنافع المنتظرة التي يمنحها إياه، بصورة نظرية، تصريح بحقوق الإنسان ودستور لا يكون لهما أثر ظاهر في حياته.
كما رأينا، كيف أن البلاد التي يحدث فيها هذا الاختلاف بين القيم السياسية والقيم الاجتماعية، تعاني صراع الطبقات الذي ربما ينتهي إلى تأسيس نوع من الديمقراطية، يعطي (المواطن) الضمانات الاجتماعية اللازمة. ولكن على حساب حرياته السياسية.
ولكن الإسلام تلافى هذا المعوق، لأنه أتى لمشكلات الحياة المادية المتصلة بالنظام الاقتصادي، بالحلول المناسبة، دون أن يمسّ الفرد في حرياته الذاتية.
وعليه، فالإسلام يبدو وكأنه جمع موفق بين مزايا الدطقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية.
فالتشريع الإسلامي يتمم فعلاً السمات السياسية التي قدمناها، بسمات ديمقراطية أخرى، متصلة بالجانب الاقتصادي.
فالمشروع الديمقراطي، في المجال الاقتصادي، يقوم على مبادئ عامة، تهدف إلى توزيع الثروة حتى لا تصبح دُولة بين أيدي بعض المترفين.