للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نفسه يشعر بحقوقه، كما يتبين من خلال قصة المرأة المسكينة التي أبدت استياءها من الفقر، راميةً عمر بأسبابه، حتى تتهمه دون أن تدري أنها تتحدث معه، بالإهمال في شؤون الأمة. إننا في الواقع لسنا أمام ضمير خليفة في حالة، وضمير امرأة مسكينة في حالة أخرى، بل نشعر بأننا أمام الضمير الديمقراطي الذي صاغه الإسلام. وأن ما يتحرك في هذا الضمير أو ذاك، إنما هو الشعور بالقيمة الأساسية التي قدر بها الإنسان، ووضعت في ضمير المسلم كأساس لكل البناء الإسلامي، في الجانب الأخلاقي والسياسي والاجتماعي.

ثم يقرر الإسلام مبدأ آخر يضعه كأساس لبناء الاقتصاد؛ وهو مبدأ تحريم الرِّبا. فكان لهذا التحريم الأثر الكبير في تحديد صورة الاقتصاد الإسلامي، بحيث أضفى عليه من اللحظة الأولى الطابع الديمقراطي، لأنه لم يسمح بالتجارة في المال والنقود التي تقوم على مبدأ الرِّبا، وتحتكرها بعض البنوك.

وبذلك لم يتح للمال أن يحقق لطبقة معينة أو لبعض الأفراد، السلطة المطلقة على الحياة الاقتصادية، كما يحدث في النظام الرأسمالي. إذ يتيح الرِّبا السلطة التامة للاحتكار على التجارة، وللتكتل المالي على الصناعة بواسطة البنك الذي يحقق تركيز رأس المال، أي سلطة المال إلى أكبر درجة ممكنة، بالنسبة إلى إمكانيات عصر معين.

فالتشريع الإسلامي، أعفى الاقتصاد من سلطة الدرهم المطلقة، تلك السلطة التي أحدثت في البلاد المتطورة أزمات اجتماعية تواجهها أحياناً بالثورات العنيفة.

وربما يجب القول، بأن هذا التشريع لم يخفف من حدّة الدرهم في مجال الاقتصاد فحسب، بل خفف من حدته في المجال الروحي إذا صحَّ التعبير، حتى

<<  <   >  >>