للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إنه يعفي المجتمع من الأزمة الأخلاقية .. المتفشية اليوم في الحياة التي تستضيء بأضواء الحضارة الغربية ..

فالإسلام لم يقاوم فقط الاحتكار الكبير الذي يقلل كمية المنتجات حتى ترتفع أسعارها في السوق، بل يقاوم كل احتكار يؤدي على أي طريقة إلى ارتفاع الأسعار. إن كل وسيط بين المنتج والمستهلك يخفي صورة الاحتكار الذي يكون المستهلك ضحيته، فالوسيط ضرب من الطفيلية في مجال الاقتصاد.

ولكن التشريع الإسلامي يدين كل ضرب من الطفيلية، يدل على ذلك الحديث المروي عن أبى هريرة رضي الله تعالى عنه، حيث يقول: ((نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التلقي، وأن يبيع حاضرٌ لبادٍ)).

فهذا الحديث يفيد، بروحه إن لم يكن بحرفه، استنكار الاحتكار حتى في صورته المصغرة، حيث أن البادي لو باع بضاعته بنفسه، لباعها بسعر اليوم، أما الحاضر فإنه يمكنه إرجاء البيع إلى ما بعد، لأنه من سكان المدينة، وفي إمكانه عرض البضاعة في السوق في الوقت المناسب، أي في الوقت المناسب له على حساب المستهلك.

فالإسلام يدين هذه الطفيلية؛ ولا يسمح كذلك ببيع المأكولات التي ليست بعد في حوزة البائع، كما يدلُّ على ذلك الحديث المروي عن أنس بن مالك، إذ يقول: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الثمار حتى تزهر أي تحمر، فقال: ((أرأيت إذا منع الله الثمرة، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟)).

فهذه العناصر التشريعية التي تكون الجانب الاجتماعي في الديمقراطية الإسلامية، قد كان لها أثرها الظاهر في الواقع المحسوس الخاص بالمجتمع الإسلامي، وقد أثرت على نموه المادي، طبقاً للهدف المزدوج الذي استهدفه الشرع، حتى

<<  <   >  >>