ولكننا نجد، أن أفكارهم كان لها وقع أكبر في المجتمع الإسلامي، في طبقاته المثقفة.
إن الجيل المسلم الذي أنتسب إليه، يدين إلى هؤلاء المستشرقين الغربيين بالوسيلة، التي كانت بين يديه لمواجهة مركب النقص، الذي اعترى الضمير الإسلامي أمام ظاهرة الحضارة الغربية.
ولكننا إذا تصفحنا هذه القضية في ضوء خبرتنا الحديثة، وفي ضوء تجاربنا القريبة، نجد أن هذه الوسيلة، لم تقتصر نتائجها على الأثر المحمود في تطور أفكارنا وثقافتنا، بل كان لها أثر مرضي، هو الذي نريد طرحه كموضوع البحث في هذه السطور.
فلكي نتصور هذا الأثر على صورته الحقيقية في مجتمعنا الإسلامي، يجب أن نعيد هذا النوع من الاستشراق إلى مصادره التاريخية.
إن أوروبا اكتشفت الفكر الإسلامي في مرحلتين من تاريخها، فكانت في مرحلة القرون الوسطى، قبل وبعد توماس الأكويني، تريد اكتشاف هذا الفكر وترجمته من أجل إثراء ثقافتها، بالطريقة التي أتاحت لها فعلاً تلك الخطوات الموفقة، التي هدتها إلى حركة النهضة منذ أواخر القرن الخامس عشر.
وفي المرحلة العصرية والاستعمارية، فإنها تكتشف الفكر الإسلامي مرة أخرى، لا من أجل تعديل ثقافي بل من أجل تعديل سياسي، لوضع خططها السياسية مطابقة لما تقتضيه الأوضاع في البلاد الإسلامية، من ناحية، ولتسيير هذه الأوضاع طبق ما تقتضيه هذه السياسات في البلاد الإسلامية، لتسيطر على الشعوب الخاضعة فيها لسلطانها وربما انطبقت هذه المجهودات العلمية، في نفس أصحابها، على مجرد الاعتراف بفضل تلك الشعوب وبمساهمتها في تكوين الرصيد الحضاري الإنساني، ولا شك أن المستشرق سيدييو والعلامة غوستاف لوبون،