يتسمان في إنتاجهما بميزة العلم الخالص والاجتهاد المخلص للحقيقة العلمية.
ولكن تجب هنا الملاحظة، بأن هذا اللقاء الجديد وقع في ملابسات تاريخية، لم يكن فيها العلم الإسلامي علماً حياً ينقل من أفواه الأساتذة مباشرة ومن كتبهم المعاصرة، بل أصبح أشبه شيء بعلم الآثار، يكتشفه الباحثون الأوروبيون بحكم الصدفة، ويصدقون، أولاً يصدقون في نقله، ثم ينسبونه لأصحابه من العلماء المسلمين، أو ينسبونه لأنفسهم أو لأحد الأوروبيين، فهكذا كانت اكتشافات كبرى تنسب لغير أصحابها، مثل دورة الدم الصغرى للإنجليزي وليام هارفي بينما كان صاحبها، الطبيب المسلم ابن النفيس يعيش قبله بأربعة قرون.
كما تجب الملاحظة أيضاً، أن العالم الإسلامي أصبح في هذه الملابسات يعاني الصدمة التي أصابته بها الثقافة الغربية، ويعاني بسببها على وجه الخصوص أثرين: مواجهة مركب نقص محسوس من ناحية، ومحاولة التغلب عليه من ناحية أخرى، حتى بالوسائل التافهة.
لقد أحدثت هذه الصدمة، عند قبيل من المثقفين المسلمين، شبه شلل في جهاز حصانتهم الثقافية، حتى أدى بهم مركب النقص إلى أن ولوا مدبرين أمام الزحف الثقافي الغربي، وألقوا أسلحتهم في الميدان، كأنهم فلول جيش منهزم، في اللحظة التي بدأ فيها الصراع الفكري يحتدم بين المجتمع الإسلامي والغرب، فأصبح هذا القبيل من المثقفين يبحث عن نجاته في التّزَيّي بالزّي الغربي، وينتحل في أذواقه وسلوكه كل ما يتسم بالطابع الغربي، حتى ولو كان هذا الطابع ليس إلاّ مظهراً لا شيء وراءه من القيم الحضارية الغربية الحقيقية.
وبدأت تظهر في الأفق الثقافي الإسلامي الفكرة الجديدة التي حركت، بعد حرب السباي (١٨٥٨م) بالهند، تأسيس جامعة عليكرة، وحركت، من