جانب آخر وضدّ هذا المشروع، باعث النهضة الإسلامية السيد جمال الدين الأفغاني.
وهكذا أصبح الفكر الإسلامي على أثر الصدمة الثقافية التي اجتاحته، وما تسبب عنها من مركب نقص، ينحاز إلى معسكرين: أحدهما يدعو لتمثل الفنون والعلوم والأشياء الغربية- حتى اللباس- والآخر يحاول التغلب على مركب النقص بتناول حقنة اعتزاز يعلل بها النفس.
فالتيار الأول، كان من الناحية العقلية، والسياسية والاجتماعية له أثره في لونين، اللون الذي يتمثل في تأسيس جامعة عليكرة، واللون الذي يتمثل في دعوة جمال الدين الأفغاني، مع تباين الأهداف وتشابه الوسائل التي كانت تفرض على العالم الإسلامي في كلتا الحالتين، تطوراً يؤدي به إلى (الشيئية) و (التكديس).
وأما التيار الثاني- وهو موضوع حديثنا لاتصاله بإنتاج المستشرقين- فإنه وجد منحدره الطبيعي في أدب الفخر والتمجيد، الذي نشأ منذ القرن التاسع عشر، على أثر ما نشر علماء مستشرقون، أمثال دوزي، عن الحضارة الإسلامية.
ولا يمكننا، على أية حال، أن نجعل بين التيارين فاصلاً قاطعاً، لأن الثاني منهما لا يكون مدرسة مستقلة عن الأول، بل نجده يخامر الفكر الإسلامي على العموم ويتخلل اتجاهه العام كفكر يبحث عن حقنة اعتزاز للتغلب على المهانة التي أصابته من الثقافة الغربية المنتصرة، كما يبحث المدمن عن حقنة المخدر التي يستطيع بها مؤقتاً إشباع حاجته المرضية.
وهذا لا يجعلنا ننفي لهذا التيار، ولنوع الأدب الذي نتج عنه كل أثر حسن في مصير المجتمع الإسلامي، لأنه كان له نصيب لا يزهد فيه في الحفاظ على