وبالتالي، فإن منهج ديكارت هو الذي كون، بصورة أعم، المناخ العقلي الجديد الذي ستترعرع فيه العبقرية المصلحية التي تتميز بها الحضارة الجديدة.
وهذه هي الزاوية بالذات التي نقدر منها العلاقات العامة بين الإسلام والعلم، فموقف الإنسان المسلم أمام عالم الظاهرات، والمنحدر الذي تتبعه العقلية الإسلامية تحت دفعة النص القرآني، والمناخ العقلي الجديد الذي ستتطور فيه هذه العقلية، هذه الأشياء هي في التالي العناصر الأساسية للقضية، فحسب.
فالعلم، من حيث أنه علم، هو مجموعة المعلومات ومجموعة الطرق المؤدية لاكتسابها. ولكن يجب علينا إضافة شيء إلى هذا التعريف الذي تصورناه من زاوية علم تاريخ التطور العلمي، لأن التطور العلمي لا ينحصر في هذه الزاوية، بل هو منوط أيضاً بمجموعة شروطٍ نفسيةٍ اجتماعيةٍ، تؤثر سلبياً أو إيجابياً، بحيث تعطل هذا التطور أو تتيحه أكثر فأكثر.
وعلى سبيل الإيضاح، فإن غاليله، حين أعلن نظرية دوران الأرض، لم تواجهه معارضة علمية، بل معارضة كلامية، نعني معارضة عقائدية، ولم تدن غاليله أكاديمية علوم، بل أدانته محكمة دينية تحكمت في أمره باسم العقيدة، إن ما أدانه هو بالتالي مجموعة عوامل القمع والحرمان الموجودة في نفسية المجتمع الذي حكم عليه بالإعدام.
ولي نعطي لهذه الملاحظة كل معناها ومغزاها، تجب ملاحظة أخرى أن في هذا المجتمع الأوروبي، مجتمع ما قبل ديكارت، الذي أعدم أحد كبار علماء الفلك، كان المنجم يقوم بدور كبير المستشارين، ويكرم ويقرب في بلاط الملوك، مثل ثوستراد موسى الذي كان مستشار الملكة كاترين دي مديتشي في البلاط الملكي الفرنسي.
ولزيد من التوضيح يجب أن نقول أن غاليله هذا لو كان يعيش في المجتمع