للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان الشعب الجزائريُّ يعيش في بلاد سُدَّ فيها المستقبل أمامه، حيث كان الفرد يولد والتشاؤُم يملأُ أعماقه وروحه، لأنه كان يفقد الدوافع الوجودية الباعثة التي تتيح للإنسان أن يُكَرِّسَ نفسَه للحياة أو الموت من أجل شيءٍ معيَّن.

ففي المرحلة التي سبقت عَهْدَ اسْتعمار الجزائر، اكتفى الإنسان بمجرد الحياة الخاملة، واختلق له، لكي يُغالِطَ نفسَه بالنسبة إلى وضعه البائس، ضروباً من التَّعِلاَّت الصوفيَّة الكاذبة كان يُقِيمُها مقامَ الدَّوافع المعلِّلَة.

ولقد تكفَّلت النزعة المرابطيَّةُ بمَدِّهِ بتلك التَّعِلاَّت مقابل ثمن منخفض أو مرتفع لِتَصْرِفَه عن ماضيه، وحاضره، ومستقبله.

ثُمَّ ضاعف الاستعمار من خطورة هذه الوضعية، جاعلاً من الإنسان مجرد (شيءٍ) من جملة أشيائه، كما جعل من النزعة المرابطية جهازاً للإرسال مُضْطَلِعاً بإيصال توجيهاته إلى الشعب، بعد تحويلها إلى دوافع جديدة مطابقة لِمَرامِه.


= والوقت، وهو يستتبع فرداً غير قابل للاستعمار. أما في الحالة الأخرى فإن جميع الظروف الاجتماعية التي تحوط الفرد تدل على قابلية للاستعمار، وفي هذه الحالة يصبح الاحتلال الأجني استعماراً، قدراً محتوماً.
فروما لم تستعمر اليونان؛ ولكنها غزتها. وإنجلترا التي استعمرت أربع مئة مليون من الهند إذ كانت لديهم القابلية، لم تستعمر إيرلندا الخاضعة دون استسلام. وفي مقابل ذلك نجد اليمن؛ تلك التي لم تفقد استقلالها لحظة، لم تفد من ذلك الاستقلال أدنى فائدة لأنها كانت قابلة للاستعمار، أعني عاجزة عن القيام بأي جهد اجتماعي. ومع ذلك فإن هذا البلد لا يدمن باستقلاله إلا لمحض المصادفة، حيث وجدت ملابسات دولية مواتية حفظت استقلاله .. وعليه فإن المشكلة الرئيسية هي أنه لكي نتخلص من الاستعمار يجب أن نتخلص من القابلية للاستعمار ... )) ص ٩٨. (نقلنا الترجمة العربية كما وردت في وجهة العالم الإسلامي ص ٨٥/ ٨٤ طبعة دار الفكر بينما الأصل المترجم نقل من الكتاب الأصل الفرنسي). [ط. ف].

<<  <   >  >>