للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن التجربة لم تكن وطنيّة إلا بتأثيراتها، وليس بأسبابها، لأن العائلات في الجيل السابق كانت ترسل بأطفالها إلى المدرسة لا لكي تعدّهم للقيام ببعض الواجبات المعيّنة، ولكن لكي تهيِّئهم للحصول على بعض الفوائد المعيَّنة.

وعلى أيّة حال فقد أتاحت لنا تجربة المدرسة الفرنسية طوالى منتصف القرن المنصرم، أن نلمس بأصابعنا على نحو ما، وفي أكثر من مناسبة، حقيقة معيّنة: وهي أن المتعلِّم الجزائري الذي تمَّ تشكيله على مقاعد هذه المدرسة، كان من الناحية الاجتماعية أقلَّ فعَّالية من زميله الأوروبي أو اليهودي، كما لو كان مصاباً بمُعامِل معيَّن من النقص. ومع هذا فقد كان يبرهن في أكثر من حالة، على صفاته الشخصيّة، بما كان يحظى به من تقديرات متفوِّقة في ختام دراساته. ومنذئذٍ نجدنا إزاء هذه الملاحظة الأولى التي تفرض نفسها، والمتمثِّلة في أن المحصول الاجتماعيّ أو فعَّالية الفرد، ليست بالدرجة الأُولى على علاقة وظيفيَّة باستعداداته الشخصيّة؛ بالإضافة إلى ملاحظة ثانية: وهي أن المدرسة لا تحلُّ وحدها مشكلة الثِّقافة، لأن حلَّها يبدو لنا مُتَأتِّياً عن شروط أكثر عموماً.

وهذه الملاحظة الأخيرة تتيح لنا إذن أن نطرح مشكلة الثَّقافة في علاقتها بالمدرسة بطريقة أفضل، ما دمنا قد عرفنا أن المدرسة لا تقدِّم للتلميذ الصفات المحدّدة للمحصول الاجتماعي أو الفعَّالية- وأعني بها الصفات التي ننتظرها من الثقافة- إلا ضمن شروط معيّنة تتجاوز الإطار المدرسي. ولكن قبل أن نقوم باستخلاص نتيجة معيّنة أصبحت الآن ماثلة في أذهاننا، يتعيَّن علينا أن نزيد في تحديد ما نعنيه بالمحصول الاجتماعي والفعَّالية، وذلك بأن نستشهد لهذه العبارات بشواهد خاصة بالإطار الجزائري.

فقد أُتيح للفرد الجزائري المنتمي إلى الصَّفوة المتعلِّمة أن يبرز على المسرح السياسيِّ خلال عهد (الأمير خالد). وكان يكوِّن مجموعَ هذه الصَّفوة المتعلِّمة:

<<  <   >  >>