للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُلّةٌ من الأطبَّاء، وبعض المحامين، وبضعة من الأساتذة، وحفنة من المُعلِّمين. ولا ريب في أن أفراد الجيل الذي عاصرتُه لا يزالون يذكرون أصداء النضال الذي خاضته هذه الصَّفوة المتعلِّمة في سبيل الحصول على حق الالتحاق بالمدرسة. فالمؤكد أن البذور الأُولى للمطالبة بالحقوق الوطنيّة، قد تشكَّلت داخل هذه المناقشة وما دار فيها من أخذٍ وردٍّ. ولكن الذي يهمّنا هنا، ليس هو الجانب التاريخي للحركة الوطنيّة إبان بوادرها الأولى، وإنما هو النتيجة المحسوسة للموقف المتّخذ إزاء مشكلة اجتماعيّة محدَّدة، وذلك لكي نتَّخذ منها معياراً لحكمنا على فعَّالية (نُخبتنا) المتعلِّمة في ذلك العهد.

فهذه النُّخبة لم توفِّر لا من رصيدها الكلامي ولا من أزواد حبرها، فقد كانت خطبها الرنَّانة تتجاوب في الآفاق، كما كانت مقالاتها تملأُ أوراق الصحافة الوطنية. ولكننا يجب أن نسجِّل أن مشكلة الالتحاق بالمدرسة قد ظلّت مطروحة مع ذلك دائماً، ما دامت هذه المشكلة لا تنفكُّ تواجه الحكومة الجزائريّة حتى هذا اليوم بالمدى نفسه من الحدّة (١). وهنا نجدنا إزاء واقع، ومعيار معيَّنَيْن.

وفي مقابل ذلك يجب علينا أن نأخذ في اعتبارنا واقعاً آخر؛ فنحن لا نزال نذكر أن حكومة فيشي ( Vichy) قد قامت خلال سنة ١٩٤٠م بتمديد تطبيق القرار الهتلري لنورمبورغ ( Décret Hitlérien de Nuremberg) على المجموعة اليهودية الجزائرية. وفي هذه الحالة الدقيقة، رأينا الفرد اليهودي المنتمي إلى الصفوة المتعلِّمة، والذي تمَّ تشكيله في المدرسة الفرنسية نفسها، يجابه المشكلة الاجتماعية نفسها. ولكن المتعلِّم اليهودي لم يتناول هذه المشكلة بالطريقة نفسها


(١) مشكلة إنشاء المدارس في بلادنا لم تكن هي تلك التي كانت قبل ١٩/ ٦/ ٦٥م. إذ أننا لم نكن نستطيع التحدث عنها كمشكلة. فقد كان هذا القطاع امتيازاً وعملاً حكومياً يخصص له الجز الأكبر من وسائل الدولة. [ط. ف].

<<  <   >  >>