زواياها المعتمة حيث تتلاقى الأرواح الخبيثة للتآمر على أسلوبها، كما يتكاتف قُطَّاع الطرق عادة ضد أمن بلادٍ ما. وشعيرة الجمال لا يجب أن تقتصر هياكلها الخاصة على المسرح، والموسيقى أو الشعر، ولكن يتعيَّن أن تنبثَّ في سائر وجوه النشاط، حتى في طريقة زراعة (الكرنب) و (البصل) بتربة أحد الحقول.
والمؤكد أن المسرح الذي يبذل في هذه الآونة جهوداً محمودة، بمعيّة فرقتنا الوطنية الفتية، وموسيقيّينا وشعرائنا الذين توفرت لهم الموهبة، وكذلك فنوننا الفلكلورية الثمينة القيمة، تكوّن بالنسبة لنا رصيداً يجب أن يحتل مكانته المرموقة ضمن مشروع ثقافة وطنية جزائرية.
ولكن يجب أن تكون حياتنا جميعها لوحة جميلة، وأنشودة منغومة، قصيداً خلاباً، وحركة موقعة متناغمة، وعطراً متضوعاً آسراً، من مثل ذلك الأريج الذي أوحى إلى أحد المغنّين الفرنسيِّين، بتلك الأغنية التي طالما ردّد جيل الحرب لازمتها القائلة:
((ما أطيب أريجك العبق يا فرنسا!)) ...
ونحن عندما نشاهد خرقاً في كساء أحد المتسوِّلين، يجب أن نشعر بوجود خرق في ثقافتنا. وعندما نسمع صوتاً ناشزاً، كضوضاء أبواق السيارات التي ترعد صاخبة في شوارعنا أحياناً، حتى لتكاد تمزق صماخ آذاننا، يجب علينا أن نحسَّ بوجود تمزّق في ثقافتنا، وبانتهاك يتمُّ عن حمق أو عن وعي ضدّ أسلوب حياتنا، وبتحدٍ لسُلوكنا.
إلا أن هذا الشأْن الشاغل ينخرط ضمن فصل من الثقافة لا يدخل في نطاق هذه المحاضرة، وربما تناولناه مستقبلاً في مبحث مستقل تحت عنوان: المعركة المفاهيمية (١). ومهما يكن من شيء، فإنه يتعين على الجزائر أثناء قيامها باختيارها
(١) انظر للكاتب نفسه (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة). [ط. ف].