أن تأْخذ بعين الاعتبار واقعاً جديداً يتمثل في معرفة أن كل قيمة ثقافية محدَّدة في إطار وطني، قد أصبحت تمتزج من هنا فصاعداً في تيار ثقافة عالمية شاملة.
مضافاً إلى ذلك أن هذا الواقع الجديد هو الذي يفرض علينا اليوم أن نضع كلَّ مشاكلنا في حدود النسبيَّة. وإذا كنا نضع إحدى هذه المشاكل- وأعني بها مشكلة الثقافة- في حدود التخلُّف واللافعَّاليَّة، فذلك لأن المجتمعات النامية تفرض علينا سُلَّم نُمُوِّها ومعايير فعَّاليَّتها.
ويتعيَّن علينا نحن، أن نتولَّى بأنفسنا فرض المعايير ضمن وجوه نشاطنا، مع إدماجنا لمفهوم الزمن داخلها؛ إذ لا يكفي أن نقتصر على مجرد القيام بصنع شيء من الأشياء، وإنما يتعيَّن أن نتوفَّر على إنجازه في أقصر فترة ممكنة من الزمن.
فالعمل يجب أن يقترن بتَعْليلِه الأخلاقيِّ والاجتماعيّ، كما يجب أن يتَّخذ شكلاً معيّناً، وأن يكون ملبِّياً لبعض المقاييس الجمالية المعينة: وهذا يمثِّل شرطاً من شروط فعَّاليته.
وعلاوة على ذلك يجب أن يتوفَّر للعمل نَسَقُهُ الخاص أيضاً، وهذا لكي يُلَبِّي معايير الفعَّالية في عالم أصبح يسيطر فيه على وجوه النشاط من هنا فصاعداً مفهوم سرعة الإنتاج.
ولهذا يتعيَّن أن نُدْخل في تحديد ثقافة ما، علاوة على المعطى الأخلاقيِّ والمعطى الجماليِّ مفهومَ المنطق العمليِّ في الوقت ذاته.
فهذا المفهوم يجد تبريره بصورة ملموسة على نحو ما في المجتمعات النامية التي يمتدُّ فيها مبدأُ تطبيق المنهج (التِّيْلُورِيِّ) - باعتباره المنهج الذي يَعْمَدُ إلى تنظيم العمل بشكل مُنَمٍّ لمحصوله- ليشملَ جميع أشكال النشاط قاطبة. أما تبريره العام