للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُوجد يكون مَعْنَاهَا الْجَواب وَالْجَزَاء مَعًا، وَهَذَا مَا فهمه الْأُسْتَاذ أَبُو عليّ الشلوبين١، حَيْثُ حمل كَلَام سِيبَوَيْهٍ على ظَاهره، وتكلّف فِي كلّ مَكَان وَقعت فِيهِ أنّها جوابٌ وجزاءٌ.

أمّا أَبُو عليّ الفارسيّ فإنّه فهم من كَلَام سِيبَوَيْهٍ أنّها قد تَرِدُ لَهما، وَهُوَ الْأَكْثَر، وَقد تتمحض للجواب فَقَط، نَحْو: أَن يَقُول لَك الْقَائِل: "أحبُّك"، فَتَقول: "إِذَنْ أَظُنُّكَ صَادِقا" فَلَا يتصوّر هُنَا الْجَزَاء٢.

قَالَ المالقيّ: "وَالصَّحِيح أنّها شَرط فِي موضعٍ، وَجَوَاب فِي موضعٍ، وَإِذا كَانَت شرطا فَلَا تكون إلاّ جَوَابا، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُوم من كَلَام سِيبَوَيْهٍ، لأنّه لم ينصّ على أنّهما مَعًا فِي موضعٍ واحدٍ".

وَقد ردَّ ابْن عُصْفُور على شَيْخه الْأُسْتَاذ أبي عليّ الشلوبين فِي تكلّفه لِمَعْنى "إِذَنْ"، بقوله: "ففهم الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ الشلوبين هَذَا على أنّه شَرط وَجَوَاب، وَأخذ الْجَزَاء بِمَعْنى الشَّرْط، وَالْجَوَاب جَوَابه فَحَيْثُمَا جَاءَت قدرهَا بفعلي الشَّرْط وَالْجَزَاء؛ فَإِذا قلت لمن قَالَ لَك: "أَنا أزورُك"، "إِذَنْ أُكرمَك"، فَمَعْنَاه: إِنْ تَزُرْني أكرمْك.

فلمّا أَخذهَا هَذَا المأخذ اضْطر إِلَى هَذَا التَّقْدِير فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} ٣، فَلَمَّا قدّر: إِن كنتُ فعلتُها فَأَنا ضالٌّ، جَاءَهُ إِثْبَات الضلال لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام؛ قَالَ: وَلم يرد إِثْبَات الضلال لنَفسِهِ، فأثار إشْكَالًا


١ - شرح الجزولية ٢/٤٧٧.
٢ - التكملة ٥٦٣، وَينظر رصف المباني ١٥١.
٣ - سُورَة الشُّعَرَاء، آيَة "٢٠".

<<  <   >  >>