للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة: حكم "إِذن" إِذا وَقعت بَين شَيْئَيْنِ متلازمين

...

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة:

حكم"إِذَنْ"إِن وَقعت بَين شَيْئَيْنِ متلازمين١:

اشْترط النُّحَاة فِي عمل "إِذَنْ" أَن تكون فِي صدر الْكَلَام، فَإِن وَقعت حَشْوًا فِي الْكَلَام بأَنِ اعْتمد مابعدها على ماقبلها أُهملت، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وَاعْلَم أنّ "إِذَنْ" إِذا كَانَت بَين الْفِعْل وَبَين شيءٍ الفعلُ معتمدٌ عَلَيْهِ فإنّها مُلغاةٌ لاتَنصب الْبَتَّةَ، كَمَا لاتَنصب "أُرى" إِذا كَانَت بَين الْفِعْل وَالِاسْم فِي قَوْلك: "كَانَ أُرى زيدٌ ذَاهِبًا وكما لاتعمل فِي قَوْلك: "إنّي أُرى ذاهبٌ"، فـ"إِذَنْ" لاتصل فِي ذَا الْموضع إِلَى أَن تنصب كَمَا لاتصل "أُرى" هُنَا إِلَى أَن تنصب، فَهَذَا تَفْسِير الْخَلِيل، وَذَلِكَ قَوْلك: "أَنا إِذَنْ آتِيك"، فَهِيَ هَهُنَا بِمَنْزِلَة "أُرى" حَيْثُ لاتكون إلاّ ملغاةً، وَمن ذَلِك أَيْضا قَوْلك: "إنْ تأتني إِذَنْ آتِك"؛ لأنّ الْفِعْل هَهُنَا معتمدٌ على ماقبل "إِذَنْ" "٢.

وَقد حدد النُّحَاة إهمالها فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع:

الأول: أَن يكون مابعدها جَوَابا للشّرط الَّذِي قبل "إِذَنْ"، نَحْو: "إنْ تأتِني إِذَنْ أكرمْك"، فتجزم "أكرمْك" لأنّه جَوَاب الشَّرْط، وَلَا تَأْثِير لـ"إِذَنْ".

وَمن ذَلِك أَيْضا جعل الرّضيّ الْبَيْت السَّابِق: (اُرْدُدْ حِمَارَكَ.. إِذَنْ يُرَدّْ..) ؛ إِذْ قَالَ: "يجوز على مَذْهَب الكسائيّ أَن يكون "لايرتعْ" مَجْزُومًا بِكَوْن


١ - ينظر الْكتاب ٣/١٤، والمقتضب ٢/١١، والتبصرة والتذكرة ١/٣٩٦، وَابْن يعِيش ٧/١٦، وَشرح الجزولية ٢/٤٧٩، وَشرح الكافية ٢/٢٣٨، ورصف المباني ١٥٤، والارتشاف ٤/١٦٥٢، والتذكرة ٥٥٩، والجنى الداني ٣٦١، وَالتَّصْرِيح ٢/٢٣٤، والهمع ٢/٧.
٢ - الْكتاب ٣/١٤.

<<  <   >  >>